الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"

logo
اقتصاد

الماس الصيني.. الجوهرة المثيرة التي تخشاها الأسواق الغربية

ألماسالمصدر: منصة إكس

يُجمع خبراء المجوهرات والمعادن الثمينة، أنّ "الماس الصيني المعملي "Lab Grown Diamond"، الذي بات منافساً حقيقياً للماس الطبيعي، في السعر والجودة والنقاء، قلبَ بشكل شبه كامل سوق الألماس الطبيعي، وغيّر من معاييره ومقاييسه التعدينية، في محاكاة للاستراتيجية نفسها المعتمدة صينيا في مجال "الذّهب".

وفيما يتطلب استخراج الألماس الطبيعي منظومة بشرية ولوجستية هائلة لاستخراجه من باطن الأرض، وتراكمية زمنية وجيولوجية وبركانية طويلة لاعتماله، وثروة مالية معتبرة لاقتنائه ناهيك عن المتاجرة فيه، فإنّ "الألماس الصيني المعملي" تمكن من تجاوز كل هذه المعوّقات، وصار في المقابل مُتاحا وفي متناول المقدرة الشرائية للطبقات الوسطى وسهل الإنتاج.

وتنتج الصين الألماس الصُلب في معاملها خلال أيام قليلة باستخدام تقنيات متطورة تحاكي الأوضاع الجيولوجية الطبيعية، مثل الضغط العالي والحرارة المرتفعة وترسيب البخار الكيميائي الأمر الذي ينتج ألماسا شديد النقاء في غرف مفرغة من الهواء.

وتؤكد المصادر الإعلامية الصينية، أن المعامل الصينية المتطورة تنتج لوحدها فقط أكثر من 20 مليون ألماسة أسبوعيًا، مستعيضة بذلك عن مليارات السنين التي تحتاجها الماسة الطبيعية، لتكونها وتشكلها داخل الطبقات الأرضية العميقة والصلبة.

وتشير ذات المصادر الاقتصادية إلى أن الماسة الصناعية، قلبت موازين السوق العالمي رأساً على عقب، ودفعت كبار المؤسسات والشركات الغربية المشتغلة في المعادن النفيسة والأحجار الكريمة إلى تقديم منتوج جديد ينافس الماسة المعملية ويحول دون احتكار الصين لهذا السوق الواعد.

أرقام خيالية 

ووفق تقارير اقتصادية دولية، فقد بلغت سوق الألماس المعملي عالمياً نحو 24 مليار دولار في عام 2022، ومن المنتظر أن تصل إلى 60 مليار دولار بحلول عام 2032 أي بمعدل نمو سنوي يقارب 10%.

ويعتبر ذلك معدل نمو مرتفعاً يعود أساساً إلى الانخراط الكبير لشركات الموضة والمجوهرات لإنتاج قطع حصرية من الألماس المعتمد في عروض الأزياء العالمية.

وتؤكد التقارير المالية أن قطاع الأزياء والمجوهرات بات الأكثر استفادة من هذا التوجه الجديد نحو الألماس المعملي، إذ استحوذ القطاع على أكثر من ثلثيْ إيرادات سوق الألماس المزروع في 2022.

وحسب بيانات بنك "أمريكا غلوبال ريسبرش" فقد انخفضت أسعار الألماس بالجملة بنحو 40% على مدى العامين (2024-2023)، وأظهر مؤشّر سعر الألماس الخام "زيمينسي" انخفاضا حادا لم يشهده المؤشر منذُ عام 2022.

أخبار ذات علاقة

تعبيرية

الألماس يُحدث ثورة في كشف انتشار السرطان

وأرجعت جهات مالية غربية مطلعة هذا الانخفاض الشديد إلى انخفاض وتيرة الشراءات للألماس الطبيعي في الصين، وتعويضه بالألماس المصنّع.

وتؤكد أنّ القيمة الشرائية للماسة المصنعة تقل عن مثيلتها الطبيعية بنحو 80%، وهو فرق قادر ليس فقط على تغيير نمط الاستهلاك، وإنما إحداث ثورة راديكالية في السوق، عبر استبدال منتج طبيعي بآخر مصنّع، يحاكيه في الجودة والنّقاء، وتبلغ قيمته نحو خُمس القيمة الأصليّة.

وحسب آخر التبادلات التجارية في مركز التسوق "تايم سكوير" في هونغ كونغ، فإن خاتم الألماس الطبيعي بوزن 1.3 قيراط تبلغ تكلفته 16730 دولارا، فيما تبلغ تكلفة خاتم ألماس صناعي بوزن 1.5 (أثقل من الأول ب0.2 قيراط)، 3127 دولارا فقط.

"خنان" الصينية

وتؤكد مصادر مالية صينية أن مقاطعة "خنان" الصينية باتت مركزاً عالمياً لإنتاج الألماس الصناعي، مستعينة بدعم حكومي منقطع النظير في مستوى المعامل والتجهيزات المتطورة القادرة على ضمان احتكار الصين لهذه المادة المصنعة، وإغراق السوق العالمي كمًا وكيفًا.

وتشير الجهات المالية الصينية إلى أنّ مقاطعة "خنان" لوحدها تنتج 95% من الإمدادات العالمية من الألماس الصناعي، حسب بيانات سنة 2023.

ووفق مصادر إعلامية صينية فإن مقاطعة "خنان" أصبحت منجماً عالمياً للألماس المخبري على مدى العقد الماضي، باعتبار أنها تنتج واحدة من كل ماستين صناعيّتين تُنتجان في جميع أنحاء العالم. 

وتمثل الأحجار الصناعية ما بين 15 إلى 20% من الطلب العالمي على مجوهرات الألماس المصنع، مقارنة بنسبة 1% فقط عام 2015. 

ومن الواضح أن الصين قفزت قفزة هائلة في هذا المجال النفيس، في غضون عقد واحد من الزمان فقط.

ووفق بيانات "ريسبترتش أند ماركتس"، فقد بلغت قيمة سوق الألماس الصناعي العالمي 15.3 مليار دولار عام 2023. 

عمالقة الألماس

ودفع هذا المشهد، الكثير من كبرى شركات الألماس والأحجار الكريمة، إلى تغيير استراتيجياتهم التسويقية عبر الانخراط في إنتاج وتسويق الألماس الصناعي، وذلك للحيلولة دون استفراد الصين بهذه السوق الناشئة واحتكارها لهذه المادة.

ويكشف خبراء المعادن الثمينة أنّ عمالقة الألماس الطبيعي غيروا من استراتيجياتهم حيال الألماس الصناعي، وذلك بأن فشلت كافة محاولاتهم لـ"قمعه" و"منعه" من دخول السوق.

ويضيف الخبراء أن جودة الألماس الصناعي من حيث النقاء والشفافية، والمستوى العالي للمحاكاة، وانخفاض السعر، والوفرة الدائمة، كلها جعلت أرباب هذه الصناعة يرضخون للألماس الصيني، بل ويبتكرون "ألماسا صناعيا" خاصا بهم.

ويؤكد الخبراء أن شركة "دي بيرز"، التي تعتبر واحدة من عمالقة "الألماس الطبيعي" لاحتكارها السوق لعقود طويلة، أطلقت علامات تجارية خاصة بها لبيع الألماس الصناعي مثل (lightbox). 

ويرجع الخبراء هذه الخطوة إلى سعي الشركة لتقسيم السوق والحفاظ على مكانة الألماس الطبيعي كـ"أصل فاخر نادر"، والألماس الصناعي كـ"موضة يومية بأسعار معقولة.

تغيير ثلاثي الأبعاد 

في مقابل سعي عمالقة الصناعة لإبداء شيء من المقاومة المعقولة حيال التغول الصيني، يبسط خبراء الألماس صورة عن مدى قدرة بكين على تغيير المعادلات والمعايير، وقدرتها على فرض شروطها في مجالات معقدة، وفي ظروف زمنية قياسية.

ويؤكد المراقبون والمتابعون أنّ الصين فرضت تغييرا ثلاثي الأبعاد في مجال الألماس، انسحب على مجالات "الندرة" و"الرفاهية" و"الاستثمار" على حدّ سواء.

وبالنسبة للندرة، فإن الصين سحبت من عمالقة هذه الصناعة، بُعد الندرة، وحولت الألماس، إلى "سلعة شعبية" متاحة لكافة المشترين، والمستهلكين، وبالتالي فرضت عليهم إحداث منتج ألماسي ثان، يستقي من الألماس شيئا من التعريف، وإن كان لا يستجيب لكافة معايير الألماس الطبيعي. 

وبخصوص الرفاهية، فإن الصين عمّمت مبدأ "الرفاهية" على العديد من الشرائح المجتمعية بعد أن كان الألماس مخصصا لحفلات خاصة لطبقات مجتمعية محددة، بل إن المصادر الإعلامية الصينية تؤكد أنّ جمهور الألماس الصناعي بات أساساً من فئة الشباب والمراهقين من "جيل Z"، الذين أدخلوا الألماس ضمن بيئة الترفيه وآخر صيحات اللباس والأزياء والتجميل، بعد أن كان حكراً على حفلات الزواج وعلى هدايا العرس. 

أخبار ذات علاقة

تعبيرية

ألماس نادر يكشف عن تفاعلات كيميائية غريبة في أعماق الأرض

أما فيما يتعلق بالاستثمار، فإن الألماس الطبيعي فقد – وفق تصريحات الخبراء والتجار- قيمته التبادلية وشيئا من قيمته النقدية، بعد أن توجه اهتمام المشترين إلى الألماس الصناعي، ما أفقده بُعد الندرة القيمية والتسويقية.

ويؤكد الخبراء أنه لم يعد يُنظر للألماس كمخزن للقيمة بمرور الوقت لأن الأسعار انخفضت على مر السنين، وأن عدد العملاء في طور التقلص المطرد بسبب ضعف الاقتصاد.

والمثير للانتباه، أنّ "التنين الصيني" لا يكتفي بالمنافسة على البضائع والسلع، ولا يكتفي أيضا بإغراق السوق كمًا وكيفًا، وبطرح أسعار تضرب التسعيرة الأصلية في مقتل، بل هو يعيد تعريف البضائع والسلع، ويعيد تحديدها وفق المصطلح والمصلحة الصينية.

وكما فعلت مع الذهب الأصلي، حيث صنعت الصين منتجاً موازياً باسم الذهب الصلب، ما جعل أربابه في حيرة من الأمر ما بين لونه وجوهره وسعره، فها هي الصين اليوم تدفع بالماسة الصناعية في السوق فتغير الموازين وتستبدل التعريفات، فتصبح الماسة ألماسات والذهب ذهوب.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC