عملاق الفيزياء، العالم الذي قلب قوانين الطبيعة.. الرجل الذي تحدى مفهوم تناظر المرآة وغيّر فهمنا للكون.. تشين نينغ يانغ، العالم الصيني الأمريكي الحائز على جائزة نوبل للفيزياء، يرحل عن عمر يناهز 103 أعوام، تاركا إرثا علميا لا يُقاس وأثرا خالدا في فهم ذرات الكون وقواه الخفية.
وُلد يانغ عام 1922 في مدينة خفي بمقاطعة آنهوي الصينية، في أسرة علمية، حيث كان والده أستاذًا للرياضيات.. منذ طفولته كان محاطا بعالم الأرقام والنظريات، حتى أصبح من القلائل الذين سيغيرون وجه الفيزياء الحديثة.
درس في أفضل الجامعات الصينية قبل أن يسافر إلى الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، وهناك تحت إشراف العالم الأسطوري إنريكو فيرمي، صاغ أفكارا ستدفع حدود العلم إلى أبعد ما يمكن.
في عام 1957 حصد يانغ جائزة نوبل للفيزياء مع زميله تسونغ داو لي، بعد أن تحديا "قوانين التكافؤ" وألغيا مفهوم "تناظر المرآة" المفهوم الذي كان يُعتقد أن كل حدث في الكون يمكن أن يكون قابلا للعكس كما في المرآة.
هذا الاكتشاف لم يغيّر الفيزياء فحسب بل هز مفاهيمنا حول قوانين الطبيعة وفتح الباب أمام أبحاث جديدة في فيزياء الجسيمات الأولية، تاركا بصمة لا تُمحى على العلم الحديث.
يانغ لم يكن مجرد عالم بل كان جسرا بين الشرق والغرب.. بعد استئناف العلاقات بين الصين وأمريكا في السبعينيات، أصبح أول عالم صيني يزور وطنه، وكرّس نفسه لنقل المعرفة والخبرة.. لاحقا، عاد ليصبح أستاذًا في جامعة تسينغهوا، حيث بدأ طفولته ليغلق دائرة حياته بطريقة درامية، كما قال: "بدأت من نقطة سافرت طريقا طويلا، وعدت في النهاية إلى المكان الذي جئت منه."
تشين نينغ يانغ لم يكن مجرد عالم، بل رمز للفضول البشري، والإصرار على تحدي المألوف وكسر القواعد، ليترك لنا فهما أعمق للكون وإلهاما لكل من يحلم بتغيير العالم.
