وزير الخارجية الإسرائيلي: إقامة دولة فلسطينية "من شأنه تعريض أمن إسرائيل للخطر"
حين يصل التهديد إلى حدّ الحديث عن إبادة، وحين تتحول دعوات ضمّ الضفة الغربية من مجرد شعارات انتخابية إلى خطة حكومية مطروحة على الطاولة، ندرك أننا أمام إعلان نوايا خطير يكشف الوجه الحقيقي لليمين الإسرائيلي المتطرف.
وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، قالها بلا مواربة: "سنبيد السلطة الفلسطينية إذا تجرأت على رفع رأسها والمساس بنا"، ثم دعا نتنياهو إلى ما سماه "فرض السيادة" على الضفة الغربية، أي بسط الاحتلال عليها بالكامل، معتبرًا أن هذه الخطوة ستمنع إقامة دولة فلسطينية وصفها بـ"دولة الإرهاب"، في أخطر تهديد يطلقه مسؤول إسرائيلي ضد الضفة منذ سنوات.
لكن تصريحات سموتريتش لا يمكن قراءتها بمعزل عن سياق التصعيد الإسرائيلي المستمر، فالرجل يقود منذ سنوات حملة سياسية واقتصادية لخنق السلطة الفلسطينية.. أوقف تحويل أموال الضرائب.. فصل البنوك الفلسطينية عن النظام المالي الإسرائيلي.. خطوات مدروسة تهدد بانهيار السلطة، وتفتح الباب أمام فراغ أمني قد يشعل الضفة ويجر المنطقة كلها إلى المجهول.
الأخطر أن دعوات الضم لم تعد شعارات انتخابية عابرة، اليوم، هي على طاولة الحكومة الإسرائيلية رسميًا، ومع حرب دموية على غزة، يتمدد الاستيطان في الضفة بوتيرة غير مسبوقة، وسط مشاريع ممنهجة لعزل القدس وفصل شمال الضفة عن جنوبها.
خفايا المخطط الإسرائيلي لضم الضفة الغربية تتكشف وفق مراقبين ومحللين عبر مجموعة من الأدوات: أولها السيطرة الاقتصادية والسياسية على السلطة الفلسطينية بخنقها ماليًا وإضعاف مؤسساتها وخلق فراغ إداري وأمني يسهل فرض السيطرة المباشرة، ثانيها التوسع الاستيطاني لعزل المدن والقرى الفلسطينية، فصل شمال الضفة عن جنوبها، وعزل القدس لتكريسها كعاصمة إسرائيلية.
ثالثها فرض السيادة الإسرائيلية رسميًا عبر خطوات تشريعية وإدارية لبسط الاحتلال على كامل الضفة تدريجيًا، ودفن أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية، رابعها الهدف الاستراتيجي طويل الأمد: السيطرة على الموارد الحيوية والممرات الجغرافية، وإعادة رسم الخريطة السياسية بما يخدم الأجندة الإسرائيلية، لدفن إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقبلية.
تصريحات سموتريتش أشعلت موجة إدانات رسمية غاضبة.. الخارجية الفلسطينية اعتبرت كلامه تحريضًا على الإبادة والضم والتهجير، مؤكدة أن هذه الجرائم لن تمنح إسرائيل أي شرعية في الأرض المحتلة.. الإمارات أكدت أن أي محاولة لضم الضفة الغربية تمثل خطًا أحمر قد يقوّض اتفاقيات إبراهام ويعيد العلاقات إلى نقطة الصفر، أما الأردن أدان بشدة التصريحات، ورأى فيها خرقًا فاضحًا للقانون الدولي وتصعيدًا خطيرًا يهدد أمن المنطقة.
تصريحات سموتريتش تكشف الوجه الأكثر تطرفًا للحكومة الإسرائيلية، وسط أسئلة تطرح: هل نحن أمام خطوة فعلية لدفن فكرة الدولة الفلسطينية نهائيًا؟ أم أنها مجرد ورقة ضغط سياسية في مواجهة الاعترافات الأوروبية المتزايدة بدولة فلسطين؟