في خضم التحولات المتسارعة التي تعصف بالمنطقة، أعاد توجه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نحو تصنيف فروع من جماعة الإخوان المسلمين كـ“منظمات إرهابية أجنبية” فتح ملف شديد التعقيد، لاسيما وأن القرار لا يستهدف الجماعة ككل، بل هو موجه لفروع محددة في مصر ولبنان والأردن..
فهل تستطيع واشنطن فعلًا تنفيذ القرار؟ وما انعكاساته على الإقليم والعلاقات مع القوى الإقليمية الفاعلة؟
رغم الزخم السياسي الذي صاحب إعلان القرار، إلا أن تنفيذه يواجه شبكة معقدة من التحديات؛ فالقرار لا يطال الجماعة ككيان عالمي بقدر ما يستهدف فروعًا محددة تختلف في بنيتها وظروفها القانونية من دولة لأخرى..
يتضمن قرار إدارة ترامب تكليف وزيري الخارجية والخزانة بدراسة تصنيف بعض فروع الإخوان في مصر ولبنان والأردن كمنظمات إرهابية خلال مهلة 45 يومًا..
وتستند واشنطن في توجهها إلى اتهامات لهذه الفروع بدعم العنف أو تقديم مساعدات لحركة حماس وإذا نُفذ التصنيف سيسمح ذلك للولايات المتحدة بفرض عقوبات تشمل تجميد الأصول ومنع دخول الأعضاء..
لكن القرار يواجه تحديًا كبيرًا؛ بسبب اختلاف أوضاع فروع الجماعة بين دول تحظرها وأخرى تُشرعن نشاطها السياسي.
لكن ما يرفع حرارة المشهد هو الأثر الإقليمي المحتمل؛ ففي تركيا مثلًا ورغم عدم ورود اسمها في الإعلان إلا أنها ارتبطت لسنوات بعلاقات وثيقة مع بعض فروع الجماعة..
لكنها تبدو اليوم أكثر ميلًا للبراغماتية وفق محللين يرون أن القرار الأمريكي قد يشكل فرصة لأنقرة لإعادة تموضع محسوب، خصوصًا أنه ينسجم مع موجة دولية أوسع تسعى لإنهاء دور الجماعات الموازية للدول، وتعزيز سلطة الحكومات المركزية، وهي موجة تُفضي تلقائيًا إلى إضعاف كيانات تقلق تركيا مثل حزب العمال الكردستاني وامتداداته.
قدرة إدارة ترامب على تنفيذ القرار ليست مؤكدة، لكن نجاحه قد يفتح مرحلة جديدة في الشرق الأوسط تعيد ترتيب موازين القوى، وتحدد مواقع الدول والجماعات الإسلامية، بحيث تستعيد بعض الدول مركزيتها بينما تُهمش جماعات أخرى من المشهد السياسي.
