logo
"ممر داوود"..ما قصته و هل يغير خارطة الشرق الأوسط؟
فيديو

"ممر داوود".. ما قصته وهل يغير خارطة الشرق الأوسط؟ (فيديو إرم)

02 سبتمبر 2025، 10:50 ص

لم يُرسم بعد على الخرائط.. لكنه بدأ يتسلل على الأرض بخطوات غامضة ومدروسة..

إنه "ممر داوود".. مشروع إسرائيلي يختبئ خلف سردية "إنسانية" و عناوين براقة.. لكنه في جوهره يحمل لعبة جيوسياسية كبرى.. فهل نقف على أعتاب أخطر مشروع إسرائيلي يوشك أن يغير ملامح المنطقة إلى الأبد؟

ممر خفي.. وخطة أوسع

وكالة "سبيشال يوراسيا"  المتخصصة في الدراسات الجيوسياسية قالت إن الممر يمتد من هضبة الجولان المحتلة مروراً بجنوب سوريا من القنيطرة و درعا ثم السويداء والبادية حيث توجد قاعدة التنف الأمريكية وصولاً إلى شمال شرق سوريا وإقليم كردستان العراق..

هذا ليس مجرد خط على الورق بل هو مشروع متكامل يمزج بين الأمن والاقتصاد والديموغرافيا في محاولة لمنح إسرائيل تفوقاً استراتيجياً في المشرق.

واللافت أن هذا الممر يُكمّل مشاريع إسرائيلية أخرى مثل ممر نتساريم في غزة وممر فيلادلفيا على حدود مصر.. ومع أنه لم يُعلن رسمياً فإن التحركات الميدانية الإسرائيلية من غارات متكررة في السويداء و درعا إلى نشاطات في دير الزور تكشف أن المشروع يُنفَّذ بخطوات عملية ولو بعيداً عن الأضواء.

أخبار ذات علاقة

جنود إسرائيليون على الحدود مع سوريا

"ممر داوود".. خفايا المشروع الإسرائيلي الذي يهدد بقلب "موازين المنطقة"

أهداف أبعد من الجغرافيا

يربط محللون المشروع بأفكار "إسرائيل الكبرى" الممتدة من النيل إلى الفرات التي حلم بها مؤسس  الصهيونية العالمية ثيودور هرتزل واعترف بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقابلة تلفزيونية مع قناة "i24" الإسرائيلية إذ قالها صراحةً: "أنا في مهمة تاريخية وروحانية ومرتبط عاطفياً برؤية إسرائيل الكبرى"..

ومن هنا يصبح "ممر داوود" حلقة في مشروع توسعي أكبر يسعى إلى تغيير وجه المنطقة..

"ممر داوود" يحقق أربع غايات استراتيجية متشابكة وفقاً لوكالة "سبيشال يوراسيا" تأتي على الشكل التالي:

أمنياً.. يسعى الممر إلى قطع "شريان الإمداد الإيراني" الممتد من طهران إلى حزب الله في لبنان عبر سوريا.. ضربات إسرائيل الجوية على الجنوب السوري التي تضاعفت بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024 ليست إلا جزءاً من هذا المسار.

أما اقتصادياً.. الممر يضع يده على موارد استراتيجية من مياه نهري دجلة والفرات إلى الأراضي الزراعية الخصبة في دير الزور والرقة حيث يُنتَج القمح بكميات ضخمة.. وبذلك يصبح الممر جزءاً من شبكة إقليمية كبرى مثل مشروع الممر الاقتصادي الهندي الشرق أوسطي الأوروبي.

سياسياً وديموغرافياً.. يفتح الممر الباب أمام تفتيت سوريا إلى مناطق حكم ذاتي كردية ودرزية وهو ما يضعف دمشق المركزية ويتيح لإسرائيل إعادة هندسة التوازنات الطائفية بما يخدم مصالحها البعيدة.

تداعيات الممر على أمن المنطقة

إن تنفيذ مشروع بحجم "ممر داوود" لن يمر دون أن يحدث هزات ارتدادية عنيفة تهدد أمن المنطقة بأكملها.. فالممر يهدد مباشرة وحدة سوريا والعراق ويمسّ إيران التي تخشى تكرار سيناريو التفتيت عبر الطموحات الكردية..

كذلك يمثل المشروع تحدياً لتركيا التي تعتبر أي محاولة لتعزيز استقلال الأكراد تهديداً وجودياً لأمنها القومي.. وزير الخارجية التركي هاكان فيدان لم يتردد في اتهام إسرائيل بالسعي إلى تقسيم سوريا بل لوّح باحتمال تدخل عسكري إذا ما تمادت تل أبيب.

إلى جانب ذلك فإن قطع الإمدادات عن حزب الله عبر تعطيل الخط البري الإيراني-اللبناني سيعيد ترتيب التوازن العسكري في جنوب لبنان ويفتح الباب أمام مواجهة جديدة في أي لحظة.. أما السيطرة على المياه والقمح فتهدد الأمن الغذائي السوري وتضاعف الأزمات الإنسانية وتُعمّق تبعية البلاد للمساعدات الخارجية.. كما أن تعطيل طرق التجارة بين تركيا والخليج قد يفاقم الأزمات الاقتصادية لأنقرة ويحوّل الممر إلى نقطة صدام محتملة بين قوى إقليمية كبرى.

أحلام إسرائيل تصطدم بالواقع

على الرغم من طموحاته الهائلة يرى محللون وخبراء أن "ممر داوود" يواجه جداراً من التحديات المعقدة..

فمن الناحية الإقليمية تواجه إسرائيل معارضة شرسة عربياً و دولياً خاصة من "إيران، تركيا، وروسيا" هذه الدول تمتلك أدوات متنوعة لإفشال المخطط بدءاً من دعم حلفائها المحليين بالسلاح والمال وصولاً إلى الضغط الدبلوماسي في المحافل الدولية.. 

وعلى الأرض تبرز المقاومة المحلية لأهالي الجنوب السوري كعقبة حقيقية أمام التمدد الإسرائيلي حيث يرفض السكان أي مشروع يهدد هويتهم الوطنية.

عسكرياً ومالياً تبدو الخطة أكثر تعقيداً مما قد تتحمله إسرائيل خاصة مع تشتيت قواتها بين جبهات متعددة في غزة والضفة الغربية واليمن وجنوب سوريا.. أما التحدي الأكبر فيكمن في البنية الديموغرافية المعقدة لسوريا إذ يصعب ضمان ولاء طويل الأمد للمجتمعات المحلية.

ما بعد الممر.. سؤال المستقبل

بين الطموح الجغرافي الإسرائيلي والممانعة الإقليمية والشعبية يقف "ممر داوود" عند مفترق طرق.. والسؤال هنا هل يبقى "ممر داوود" مجرد رؤية غامضة في مخيلة صانعي القرار الإسرائيلي.. أم أننا نشهد فعلاً ولادة أخطر مشروع جيوسياسي يهدد المشرق منذ عقود؟

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC