وكأن الحرب في غزة لم تكتفِ بتدمير البيوت وتغييب الوجوه، حتى ظهر ما هو أخطر. خيط تهجير صامت يتحرك خلف كواليس العمل الإغاثي، وينذر بتغيير حتمي في التركيبة السكانية للقطاع.
القصة بدأت مع رحلة غامضة حملت أكثر من 150 فلسطينيا إلى جنوب أفريقيا، الرحلة التي كشفت تفاصيلها صحيفة "هآرتس" العبرية لم تنظمها جهة دولية معروفة، بل شركة مجهولة تحمل اسم "المجد أوروبا"، يديرها رجل أعمال إسرائيلي يحمل الجنسية الإستونية ويدعى تومر جانار ليند.
تعرّف الشركة نفسها عبر موقع إلكتروني منسوب لها بأنها "منظمة إنسانية متخصصة في مساعدة وإنقاذ المجتمعات المسلمة من مناطق الحروب والقتال"، لكن تتبع بيانات الموقع كشف أنه أنشئ في فبراير الماضي رغم زعمها أنها تعمل منذ عام 2010، ومع عمليات البحث لم يظهر للمؤسسة أي سجل رسمي في ألمانيا حيث تقول إنها أسست، ولا حتى في إسرائيل وهو مقرها بحسب ما تروج له.
اللافت أن الشركة تستخدم صورًا منشورة عبر وكالات إعلام دولية، وليست خاصة بها، للترويج للخدمات المفترضة التي تقدمها، وتعرض خدماتها على الفلسطينيين بحوالي 2000 دولار أمريكي مقابل حجز مقعد على متن رحلات طيران مستأجرة إلى وجهات مثل إندونيسيا وجنوب أفريقيا.
وضمن ما يمكن وصفه بـ"الغايات الخطيرة"، قالت "هآرتس" إن إنشاء هذا المكتب جاء بقرار من مجلس الوزراء الأمني في إسرائيل لتسهيل المتطلبات الأمنية بشكل كبير على الفلسطينيين المغادرين من غزة، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه لسؤال منطقي: هل تستخدم إسرائيل واجهات إنسانية لتنفيذ تهجير فعلي من القطاع؟