تحت غيومٍ مشحونة بالتوتر، يتحرّك الشرق الأوسط على إيقاع الاستعداد للحرب. إسرائيل تُعيد تموضع قواتها، تلمع سلاحها، وتفتح خرائطها العسكرية على كل الاحتمالات.
في المقابل، حزب الله يرفع منسوب جهوزيته، يُعيد توزيع قواته وينقل أسلحته في الظل، كمن يتهيأ لمعركة يدرك حتميتها. مشهدان متقابلان يتنفسان الترقب ذاته، وكلّ طلعة جوية أو قصفٍ محدود على الحدود الجنوبية بات يُقرأ كجملةٍ من مقدمة حربٍ تلوح في الأفق.
إنها لحظة ما قبل الانفجار، حيث لا أحد يريد الحرب لكن الجميع يستعد لها، وفقا لقراءات كثيرة.
في الكواليس، أعدّ الجيش الإسرائيلي خطة هجومية شاملة، تحسبًا لأي تصعيد أو ردّ من حزب الله على هجوم قد تُنفّذه إسرائيل في أي لحظة، وفق تسريبات لصحيفة يديعوت أحرونوت. وتشير المصادر إلى أن الحزب واصل مؤخرًا تدريباته ونقل أسلحته، بل وأعاد بناء منظوماته العسكرية والاقتصادية.
لكن داخل إسرائيل نفسها، يدور جدل حاد: بين من يدفع نحو حرب مباشرة لتفكيك قدرات الحزب، ومن يرى أن سياسة الاستنزاف اليومية تحقق الأهداف دون الانزلاق إلى حرب شاملة قد تكون مكلفة سياسيًا وعسكريًا.
القنوات الإسرائيلية تتحدث عن دعم أمريكي لأي ضربة محتملة، بينما يواصل حزب الله رفضه العلني لأي مسار تفاوضي مع إسرائيل، مؤكداً أنه “لن يساوم على سلاحه”، فيما تحاول رئاسة الجمهورية اللبنانية الدفع نحو مقاربة تفاوضية منضبطة لتفادي الانفجار.
ومع تصاعد الغارات على قرى الجنوب، وانكشاف هشاشة القرار الرسمي، يبدو لبنان وكأنه يسير على خيطٍ رفيع يفصل بين نار التصعيد جنوباً وضغوط الخارج شرقاً وغرباً. وما بين الاستعداد الإسرائيلي للحرب، واستعصاء السلاح داخل لبنان، تتبلور معادلة خطيرة مفادها: إن العدّ التنازلي قد بدأ فعلاً.