حين يصمت السلاح، تبدأ الكاميرا بالكشف عن الحكاية الحقيقية. في هذا الفيديو الذي التقطته عدسة خفية من قلب العاصفة، انبثقت تفاصيل مدهشة من صراع يدور في دهاليز مظلمة، بين أذرع لا تُرى وأهداف لا يُعلَن عنها إلا بعد أن تسقط الضربات.
ظهر الفيديو كنافذة على عالَمٍ ظل طويلاً طيّ الكتمان، ليكشف أن حدود إيران لم تعد كما كانت، وأن يدًا خفية تتجول في عمقها كما لو كانت في أرضٍ مألوفة. هو جزء حي من رواية استخباراتية حيكت بتأنٍ ورُسمت بكثير من الدقة.
بحسب ما أوردته "نيويورك تايمز"، فإن الموساد لم ينتظر لحظة الضربة ليتسلل، بل كان هناك منذ شهور، ينسج خيوطه، يهرّب صواريخ، ويخفي أسراباً كاملة من الطائرات الانتحارية في عمق الجغرافيا الإيرانية. كانت السماء قد تهيأت للضربة قبل أن تقلع الطائرات. وكان العدو، على الأرض، أقرب من كل الحسابات.
وجوه مجهولة، خطوات صامتة، وطائرات مسيّرة خفية زُرعت بعناية في أماكن مفتوحة، أقرب إلى قلب الدفاعات الإيرانية.
ومع انطلاق الطائرات الإسرائيلية فجراً، كانت "الأشباح المزروعة" تتحرك بدقة لتضرب منصات إطلاق في طهران نفسها. الهجوم جاء مزدوجاً، من السماء ومن الأرض، في تنسيق غير مسبوق بين الجيش الإسرائيلي والموساد، ما يؤكد أن الضربة كانت تتويجاً لتحركات عميقة سبقتها.
لم يعد الحديث عن مجرد ضربة عسكرية، بل عن تهشيم لمنظومة أمنية كاملة. مسؤولون إسرائيليون وصفوا ما جرى بأنه تحوّل في قواعد اللعبة، ورسالة تقول إن "الخطوط الحمراء" لم تعد تُخيف.
وفيما تتسع مساحة الأسئلة داخل إيران حول هذا الاختراق غير المسبوق، يعلو خطاب رسمي يتوعد برد حازم ليس له مثيل، يجعل تل أبيب تندم على فعلتها. كل الوسائل أصبحت مباحة الآن لردع إسرائيل وفقا لمسؤولين إيرانيين.
فهل يكون الرد الإيراني قويا بما يكفي ليثبت للعالم أن اغتيال القيادات لن يزعزع من ثبات طهران؟ وإن كانت اليد الإسرائيلية بلغت هذا العمق، فإلى أي مدى باتت طهران مفتوحة للّهب القادم؟