طرابلس الليبية.. مدينة لا تنام على هدوء، فالتوتر يتصاعد، والرصاص يعلو صوته على لغة السياسة.. ليلةٌ مضطربة ودوّي إطلاق نار، وتحركات مكثفة لآليات عسكرية تجوب شوارع العاصمة، في مشهد يذكّر الليبيين بأن مدينتهم ما تزال رهينة سباق الميليشيات على النفوذ.
رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة رفع صوته محذرا بأن حماية أمن طرابلس وسلامة سكانها تمثل أولوية قصوى، والاستقرار لا يتحقق إلا بالابتعاد عن دوامة العنف".
لكن المشهد على الأرض يبدو أكثر تعقيدا، حيث تُرصد أرتال مسلحة تتحرك من مصراتة وزليتن والخمس نحو العاصمة، فيما تعلن الكتائب العسكرية حالة استنفار، وتكشف تسجيلات مسربة عن خلافات تتعلق بقاعدة معيتيقة ومطارها الاستراتيجي.
الأمم المتحدة دخلت على الخط، محذّرة من أن التعبئة المستمرة قد تشعل مواجهة شاملة. أما أوروبا، فجدّدت الدعوة إلى وقف التصعيد، خشية أن تنزلق العاصمة إلى فوضى لا تُحمد عقباها.
وسط هذا المشهد، يبرز "جهاز الردع" الذي نفى أي صفقات أو اتفاقات، مؤكداً أنه ليس طرفا في التصعيد، فيما اتهمت كتائب أخرى "مرتزقة" أجانب بالضلوع في أعمال العنف ومحاولات الاغتيال.
الأهالي، الذين عاشوا مرارا وجع الحرب، خرجوا يرفعون أصواتهم ضد ما وصفوه بـ"التحركات المشبوهة"، رافضين أن تتحول أحياؤهم إلى ساحة صراع جديدة.
وبحسب مراقبين، فإن ما يجري في طرابلس يتجاوز كونه اشتباكات ظرفية، ليعكس صراعا أعمق على النفوذ داخل العاصمة، خاصة حول قاعدة معيتيقة ومطارها الاستراتيجي اللذين يمثلان ورقة ضغط إقليمية ودولية، فيما يرى آخرون أن غياب مؤسسة عسكرية موحدة وتعدد مراكز القرار الأمني يجعلان المدينة ساحة مفتوحة لتجاذبات لن تُحسم دون توافق داخلي وإرادة دولية.