في قلب أفريقيا الوسطى، تغيرت قواعد اللعبة بشكل لم يشهده أحد من قبل.. موسكو تتخلى عن الذهب، وتختار "الكاش"، في محاولة لتأمين نفوذها العسكري والأمني مباشرة، بعد أن بات الاعتماد على مجموعة شبه مستقلة محفوفا بالمخاطر.
كانت فاغنر القوة المسيطرة على الشوارع والسلطة، تحمي المسؤولين وتفرض النظام، حتى في أصعب أوقات التوتر السياسي والاجتماعي.. قبل استفتاء 2023، تواجد المئات من مقاتليها في بانغي لضمان الطاعة وقمع أي احتجاج محتمل.
لكن أحداث يونيو 2023 قلبت المعادلة. انقلاب يفغيني بريغوزين الفاشل ووفاته بعده، جعلا موسكو تدرك أن الاعتماد على فاغنر أصبح خطيرا، ومع انسحاب فاغنر من مالي بعد كمين قاتل أسفر عن مقتل 84 مقاتلا، باتت السيطرة المباشرة ضرورة، عبر فيلق أفريقيا الجديد الذي يقدم التدريب والدعم اللوجستي للجيوش المحلية بدل الاشتباك المباشر، مع الدفع النقدي مباشرة بدل الموارد الطبيعية.
الحكومة المحلية تقاوم التغيير، متمسكة بعلاقاتها القديمة مع فاغنر وخبرتها الطويلة، بينما تتزايد الضغوط الاقتصادية لدفع تكاليف فيلق أفريقيا الباهظة، قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة في ديسمبر.
مراقبون يرون أن هذه الخطوة تعكس تحولا حذرا في سياسة موسكو، بعيدا عن المخاطر المباشرة، لكنها قد تواجه تحديات حقيقية في فرض السيطرة على حكومة بانغي، خصوصا إذا تمسكت الأخيرة بعلاقاتها التقليدية مع فاغنر؛ ما يجعل النفوذ الروسي مشروطا بالمساومة والتكيف مع الواقع المحلي.