في شمال أوكرانيا، تُرسم الحدود من جديد.. لكن دون ضجيج؛ إذ تتبع روسيا اليوم خطة "القضم البطيء"، وهي استراتيجية هادئة، وفتاكة، تهدف إلى إعادة ترسيم الشمال الأوكراني بهدوء، بعيدا عن صخب المعارك التقليدية.
لا أصوات دبابات، ولا سحب دخان فوق سومي، فقط توغل محسوب، قرية بعد أخرى.. تقدّم يُشبه حركة القطع على رقعة شطرنج عبر معارك بلا إعلان، وخطوات بلا توقف.
منطقة سومي الحدودية باتت ساحة هذه اللعبة الصامتة.. سيطرة روسية على قرية فودولاغي دفعت كييف لإخلاء 11 قرية مجاورة، في مشهد يُنبئ باحتمال انفجار عسكري وشيك، وفي الخلفية، أكثر من 50 ألف جندي روسي يتمركزون قرب الحدود، رسالة واضحة من موسكو، حتى لو لم تُنطق.. لكن، ما الهدف الحقيقي؟
الخبراء يجمعون على أن موسكو لا تسعى لضم جديد بل لإنشاء منطقة عازلة تمنع تسلّل القوات الأوكرانية إلى الداخل الروسي، اضافة الى استخدامها كورقة ضغط وتحرك دفاعي؟ لكن هذا التقدم الهادئ قد يتحول إلى سيف حاد على طاولة المفاوضات المقبلة.
الرئيس الأوكراني زيلينسكي يؤكد أن الضغط يتصاعد في الجنوب، وتحديدا في زابوريجيا، بينما المعارك تحتدم في الشرق أيضا؛ ما يجعل أوكرانيا عالقة في كماشة ثلاثية الاتجاهات هدفها الاستنزاف.
في المقابل، تقول موسكو إنها لم تُحكم قبضتها بعد على دونيتسك وخيرسون وزابوريجيا، فكيف لها أن تفتح جبهات جديدة؟
التحركات إذا ليست توسعية، بل تكتيكية لمنع تكرار مشهد كورسك، حيث باغتت القوات الأوكرانية روسيا في أغسطس الماضي، واخترقت حدودها، قبل أن تُستعاد المناطق لاحقًا بثمن باهظ.
