في قلب غرب أفريقيا، يتكرّر كابوسٌ يعرفه العالم جيدًا، كابوس اسمه "أفغانستان"، ولكن هذه المرة في مالي.
البلد الغارق في الفوضى منذ أكثر من عقد، بات اليوم على حافة الانهيار الكامل. جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" المرتبطة بتنظيم القاعدة، تطوّق العاصمة باماكو، وتخنقها من كل الجهات، لتفرض حصارًا خانقًا على النظام العسكري بقيادة النقيب آسيمي غويتا.
الوقود مقطوع، والطرق الحيوية بين مالي والسنغال وساحل العاج باتت تحت سيطرة المسلحين، فيما يبدو الجيش المالي منهكًا، عاجزًا عن كسر الطوق أو استعادة المبادرة.
وفي تطور مقلق يعكس تفاقم الأزمة، أعلنت الجماعة مسؤوليتها عن اختطاف ثلاثة مصريين في غرب مالي، مطالبة بفدية قدرها خمسة ملايين دولار لإطلاق سراحهم، ووصفت العملية بأنها ضربة لداعمي ما أسمته "الاحتلال الروسي".
بينما يتواصل مسلسل الرعب، باغتيال صانعة المحتوى المالية مريم سيسيه، التي وُجدت جثتها في ساحة عامة بعد اتهامها بالتعاون مع الجيش. جريمة صادمة، عكست انهيار سلطة الدولة واتساع قبضة الجماعات المتشددة.
في الظل، تصمت روسيا التي وعدت بالحماية عبر قوات “فاغنر”، بينما الغرب، من فرنسا إلى الولايات المتحدة، يسحب رعاياه على عجل، وكأنهم يشاهدون سقوط دولة بأكملها.
لكن ما يحدث في مالي لا يعنيها وحدها، فجماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" تمدّ أذرعها نحو النيجر وبوركينا فاسو، وتطلّ على نيجيريا التي تواجه أصلًا حربين ضد بوكو حرام وداعش.
الخبراء يحذرون: إذا سقطت باماكو، فلن تكون النهاية، بل البداية لفوضى تمتد من الساحل إلى المحيط.
اليوم، مالي محاصرة ومعزولة، والعنف يسيطر على الشوارع والطرق، المدنيون يدفعون الثمن، والدولة تنهار، وما يُبنى على هذه الخراب، واقع جديد مظلم وصعب.