صغيرة بحجمها، لكنها عظيمة بفعلها، شديدة التعقيد يصعب على الإنسان فهمها، تؤدي أدواراً حساسة، وتوكل إليها المهمات عندما تعيش وسط مجموعات أو خلايا.
إنها الحشرات، التي كانت على مر العصور مدار بحث الإنسان لمحاولة فهم سلوكها، وتجنب ضررها واستدرار نفعها.
ووصل الأمر حد إشراكها في الحروب، فكانت قديما سلاح دمار شامل في يد البشر.
أول من بدأ في استخدام هذا السلاح حسب الروايات التاريخية هم الرومان، عندما أعدوا قنابل النحل التي كانت توضع في المنجنيق وتقذف صوب العدو لتدب في الجنود الهلع وتوقعهم تحت رحمة اللدغ القاتل.
ولم يقتصر الأمر على الرومان، فعندما حاول الإمبراطور الروماني سيبتيموس سيفيروس السيطرة على قلعة الحضر في العراق عن طريق حصارها، فاجأه جيش العدو بقنابل العقارب السامة، التي انهالت فوق رؤوس جنوده وقتل الكثير منهم.
ومع مرور الزمن تطور الأمر، واستطاعت دول عظمى بالفعل تطويع الحشرات لتصبح سلاح دمار شامل، فمنذ عام 1954 أجرت الولايات المتحدة العديد من التجارب لمعرفة إمكانية استخدام الحشرات لا سيما البراغيث لنقلها أمراضا قاتلة.
واليوم أنشأت واشنطن مرفقا عسكريا خاصا بحرب الحشرات قادرا على إنتاج 100 مليون بعوضة مصابة بمرض قاتل. والهدف توجيهها نحو مدينة مكتظة في بلد ما.
التجارب الأمريكية، جاءت بعد تجارب مماثلة كان يدرسها الفوهرر الألماني أدولف هتلر إبان الحرب العالمية الثانية.
إذ قام العلماء النازيون على تطوير سلالة جديدة من البعوض الناقل للأمراض القاتلة، قادر على النجاة خلال رحلة الطيران فوق المحيط الأطلسي وصولًا إلى الولايات المتحدة.
حادثة مرعبة تستطيع اختزال الرعب الذي قد يسببه جنون البشر، الذي صنع من الحشرات أسلحة مدمرة، وهي مرفق بحثي أنشأته الفرقة اليابانية 731 في منشوريا بالحرب العالمية الثانية.
وقتها لجأت اليابان بعد انسحابها من الصين إلى تدمير هذا المرفق الذي يحوي أعداداً كبيرة من البراغيث المحقونة بأمراض قاتلة كالكوليرا والطاعون، لتنتشر وتتسبب بوفاة أكثر من 300 ألف شخص معظمهم من الصينيين.