فجأة، وجد الأوروبيون أنفسهم أمام سؤال خطير: هل يمكن الاعتماد على الناتو كما كان دائماً؟ أم أن الحليف الأمريكي بدأ يستخدم الحلف كورقة ضغط، وسلاحاً سياسياً، وصفقة رابحة في كل اتجاه؟
بين خطط سلام غامضة في أوكرانيا، وتهديدات روسية لا تتوقف، وضغوط مالية تتزايد على أعضاء الحلف، يبدو أن الناتو يدخل مرحلة جديدة، مرحلة قد تعيد رسم توازن القوى داخل أوروبا وخارجها.
ترامب خرج بخطة سلام لأوكرانيا قلبت الطاولة. فبينما يروّج لها البيت الأبيض باعتبارها الطريق لوقف الحرب، يقرأها الأوروبيون كرسالة واضحة: ادفعوا أكثر أو ابحثوا عن مظلة أمنية أخرى.
واشنطن تسدّد وحدها قرابة 70% من ميزانية الناتو.. رقم ضخم يسمح لترامب بأن يفاوض، ويضغط، ويذكّر الأوروبيين بأن الحماية لها ثمن. ومع كل دولار إضافي تضخه أوروبا في دفاعها، ترتفع مبيعات شركات السلاح الأمريكية، وتتعمق هيمنة واشنطن في قلب القارة العجوز.
وبينما يشتد هذا الشدّ والجذب، تتساءل أوروبا: هل الاعتماد على “الحليف التاريخي” ما زال خياراً آمناً؟ هنا، بدأت التحركات لبناء كيانات دفاعية موازية “الصندوق الدفاعي الأوروبي” وغيره. لكنها خطوات لا يزال الغموض يحيط بها، ولا أحد يعرف مدى قدرتها الحقيقية على الوقوف في وجه الدب الروسي.
أمّا موسكو، فترى شيئاً آخر. بوتين يتهم الأوروبيين بإفشال جهود السلام التي تقودها واشنطن، ويتحدث بلغة حادة: إذا أرادت أوروبا الحرب، فموسكو جاهزة. وفي المقابل، تتهم كييف وحلفاؤها الروس بأنهم يبدون اهتماماً بالسلام فقط أمام الكاميرات.
وسط كل هذا، يظهر ما يشبه “لعبة الظلال”. لقاءات هنا، ومشاورات هناك، وفود تتنقل بين جنيف وفلوريدا وموسكو. لكن الخلاصة كما يراها خبراء: هناك ما يدور في الخفاء بين إدارة ترامب والكرملين، شيء لم تتضح ملامحه بعد، لكنّ أوكرانيا، كالعادة، تبدو المرشّح الأول لدفع الثمن.
