logo
العالم

"الحلم" الروسي يتحقق.. ترامب يواجه اتهامات أوروبية بشق صف الناتو

قوات الناتوالمصدر: رويترز

يواجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتهامات أوروبية واسعة بالعمل على شق صف حلف شمال الأطلسي (الناتو) وإضعافه، ما يمثل حلما روسيا.

يمر حلف شمال الأطلسي بأخطر أزمة في تاريخه منذ تأسيسه، حيث يحذر ضابط سابق في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة من أن المنظمة "تتعفن من الداخل".

ويؤكد ضابط نرويجي أن الانقسامات الداخلية للحلف تتعمق، بينما يدفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتحركاتهما الخاصة، متجاوزين الناتو بالكامل، وفق تعبيره.

وفي مقال نشره موقع "لاماتينال أوروبين"، أكدا الكاتبان ديفيد كاريتا وكريستيان سبيلمان أن دونالد ترامب كسر الرابطة عبر الأطلسية. ودخلت منظمة الناتو في وضع نفعي قائم على المصلحة، لمنح أوروبا الوقت لإعادة بناء دفاعاتها. لكن روح الناتو ماتت.

ويطرح الكاتبان سؤالًا جوهريًا وهو "هل يمكننا استخدام مصطلح "تحالف" عندما يتدخل أحد الشركاء في الحياة السياسية لحلفائه بالابتزاز، وعندما يتحدث آخر عن "كسر" بين مؤيدي السلام ومؤيدي الحرب هل يمكن للناتو أن يستمر عندما تريد الولايات المتحدة ضم كندا أو غزو غرينلاند، وهي أراضٍ تابعة للدنمارك العضو في الحلف؟".

أزمة ثقة عميقة داخل الحلف

يمر الناتو بأزمة ثقة، حيث تزعزع التحالف بشدة خلال ولاية ترامب الأولى، عندما تحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن "موت دماغي" في 2019، منتقدًا موافقة الولايات المتحدة على عملية عسكرية تركية في سوريا ضد المقاتلين الأكراد الحلفاء للتحالف الدولي ضد داعش دون إبلاغ باقي أعضاء التحالف.

وبعد 6 سنوات، عاد ترامب إلى البيت الأبيض، وهذه المرة يهاجم الحلفاء مباشرة، بدأ بأقرب جار له، كندا، التي اعتبرها عاجزة عن ضمان دفاعها الخاص ودعاها للانضمام إلى الولايات المتحدة، ثم أعلن ترامب نيته الاستيلاء على غرينلاند، الأرض الدنماركية الغنية بالمواد الخام، مستشهدًا بالأمن القومي الأمريكي.

التدخل الأمريكي في الانتخابات الأوروبية

ترامب ونائبه جي دي فانس يعتبران الأوربيين ضعفاء ويدعمون كل من يريد إضعاف المشروع الأوروبي، وتدخلا علنًا في العمليات الانتخابية، أولًا في بريطانيا، ثم في ألمانيا ورومانيا، وأخيرًا بولندا، وفق التقرير.

وفي كل مرة، دعمت الإدارة الأمريكية أحزابًا أو مرشحين قوميين من اليمين المتطرف معادين لأوروبا.

وفي كتابه "حارس العالم"، يروي ينس ستولتنبرغ، الأمين العام السابق للناتو (2014-2024)، تفاصيل مذهلة عن قمة 2018 في بروكسل، حيث كاد ترامب أن يفجر التحالف.

حينها قال ترامب: "الولايات المتحدة تدفع 90٪ من نفقات الناتو، أعلم أن البعض يقول 70٪، والبعض الآخر 73٪. هناك طرق مختلفة لحساب ذلك، لكن من وجهة نظري، ندفع 90٪. الناتو مهم، لكنه أهم بكثير لأوروبا من الولايات المتحدة".

ثم هاجم ألمانيا بشكل مباشر قائلًا: "لدي احترام كبير لأنجيلا ميركل، والدي وُلد في ألمانيا، ووالدتي في إسكتلندا، وبطريقة ما، أنا جزء من الاتحاد الأوروبي. لكن هذا لا يمكن أن يستمر". 

تطور خطير

في تطور خطير، يحذر الأدميرال جوزيبي كافو دراغوني، ثاني أعلى مسؤول عسكري في الناتو ورئيس اللجنة العسكرية للحلف، من أن ترسانة روسيا المتنامية من الطائرات المسيرة المسلحة تشكل تهديدًا هائلًا للدول الأوروبية. كما لفت لتهديدات الحرب الهجينة المستمرة تجاه أعضاء الناتو، بما في ذلك هجمات الطائرات المسيرة وعمليات المنطقة الرمادية دون عتبة الصراع التقليدي.

وألمح إلى أن الناتو قد يضطر للنظر في إجراءات عسكرية استباقية مثل هذه التهديدات الهجينة.

في مقابلة مع صحيفة "إلموندو" أشار دراغوني إلى أن الناتو منخرط بالفعل في حرب هجينة تشمل تكتيكات غير تقليدية وغير متماثلة مثل التخريب، وتوغلات الطائرات المسيرة، وعمليات التأثير التي تستهدف العمليات الديمقراطية في الدول الأعضاء.

ويؤكد أن ما بين 70٪ إلى 80٪ من الدبابات الروسية في أوكرانيا تُدمر بواسطة الطائرات المسيرة، ما يوضح الطبيعة المتطورة للحرب الحديثة، حيث أصبحت الطائرات المسيرة أسلحة فتاكة.

وقال دراغوني إن "شن عمل وقائي ضد موقع يمكن أن تكون فيه طائرات مسيرة جاهزة للإطلاق ضد الناتو قد يكون خيارًا".

أوروبا تستعد للاستقلال الدفاعي

رغم اعتماد أوروبا الكبير على القدرات الاستخباراتية والتكنولوجيا المتقدمة الأمريكية، إلا أن القارة تعزز إنفاقها الدفاعي، بهدف الوصول إلى 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2035، وتعمل على تعزيز القدرات، بما في ذلك تطوير قاعدة صناعية دفاعية مرنة وبنية تحتية رقمية مستقلة.

وأعلنت رئيسة الوزراء الدنماركية، ميتي فريدريكسن، نهاية عصر الدول المقتصدة، وقالت: "في المرة الماضية، لعبنا دورًا قياديًا في مجموعة الأربعة المقتصدين، وفي المرة القادمة، سنلعب دورًا قياديًا في مجموعة أخرى. سنكون صارمين، لكن كوننا جزءًا من المقتصدين الأربعة لم يعد المكان المناسب لنا".

وأضافت فريدريكسن: "إذا لم تكن أوروبا قادرة على حماية نفسها والدفاع عن نفسها، في مرحلة معينة سنصل إلى نهاية اللعبة".

الناتو في مفترق طرق

يقف الناتو اليوم عند مفترق طرق خطير، التحالف الذي ضمن الأمن الأوروبي لعقود يواجه تحديات وجودية من الداخل والخارج. بينما يحاول ترامب إعادة تشكيل العلاقة عبر الأطلسية وفق مصالحه، تستعد أوروبا لتحمل مسؤولية أكبر عن دفاعها.

السؤال الكبير يبقى، هل ستنجح أوروبا في الوقوف على قدميها عسكريًا واقتصاديًا قبل أن ينسحب الأمريكيون؟ أم أن السيناريو الروسي بتفكك التحالف الغربي في طريقه للتحقق؟ المستقبل غامض، والأشهر المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مصير أقوى تحالف عسكري في التاريخ.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC