حالة من الصدمة والشلل أصابت مفاصل القيادة الإيرانية في اللحظات الأولى لإعلان ”ساعة الصفر“ في حرب الـ12 يوماً..
بعيداً عن قرار الحرب المفاجئ.. حامت طائرات مسيّرة صغيرة الحجم فوق رؤوسهم في كل مكان من طهران. اختارت بدقة القيادات الرفيعة.. داخل عقول هؤلاء كان سؤال واحد يدور..
كيف وصلت هذه المفخخات الصغيرة إلى ”تحت جلدنا“، ومن يشغلها؟!.. وفي رحلة بحثنا عن إجابة لهذا السؤال وجدنا جهداً مركباً من عمليات الموساد تمتد إلى أكثر من ٣ أعوام.
و“من العدم“، جُهزت مكونات طائرات مسيرة (رباعية المراوح غالباً)، ومتفجرات دقيقة، وأجهزة تحكّم عن بعد، وشحنت على دفعات، وبقطع متفرقة ”قطعة قطعة“ لتقليل مخاطر كشفها، ومن ”عنق الزجاجة“ جرى إدخال هذه الشحنات عبر شاحنات برية من الحدود الشاسعة لإيران، ومن البحر أيضاً عبر حاويات سفن، وأحياناً من الجو في حقائب سفر بواجهات تجارية، لتبدو كأنها بضائع عادية تمر عبر دول وسيطة قبل دخولها إيران.
على الأرض الإيرانية لعب الموساد على ” وتر الفساد الحكومي، والعملاء “، غطى عمليات النقل بغلاف تجاري وبشري.. استعان بوسطاء وسلاسل توريد تُخفي النية العسكرية للمكونات، إلى جانب شبكات ميدانية مدربة.. تستلم وتخزّن الأجزاء الدقيقة في مواقع آمنة ومتفرقة.
وفي المحطة الأخيرة توزع القطع لدى وصولها إيران على ”خلايا لوجستية“ متعددة الانتشار على امتداد البلاد، والهدف هنا تقليل انكشاف الشحنة كاملة إذا سقطت خلية واحدة، ووفقاً لمخططات "الموساد" تتوزع هذه الخلايا في أماكن إستراتيجية قرب الأهداف، بل تصل إلى حد توزيع القطع داخل مركبات مدنية، ومناطق مأهولة، لتبقي على الجاهزية الكاملة عند الحاجة وهذا ما حدث فعلاً.
الخلايا المزروعة في العمق تعرف بدقة ما بين يديها من قطع.. تدريبات استمرت شهوراً تلقوها داخل إيران على يد قادة تعلّموا بدورهم ”التفاصيل التركيبية“ من الموساد، وغالباً ما كانت تتم عملية التدريب والتجهيز في دولة ثالثة لا في إيران، وهنا تتحدث مصادر، غير رسمية، عن إمكانية أن تكون أذربيجان هي المحطة ما قبل النهائية لوضع اللمسات الأخيرة.. استناداً إلى العلاقات الطيبة مع إسرائيل، وسهولة التحرك من الجانب الآخر في إيران مع حدود برية تقارب الـ430 كم.
وبـ” تشغيل متزامن “ لهذه الخلايا مع بدء الحرب أُصيبت إيران في مقتل.. قادة الصف الأول من الجنرالات والعلماء النوويين سقطوا مع تحرك الخلايا المزودة بالمسيّرات الصغيرة نحو بنك أهداف وصلهم عبر اتصالات مشفرة.. أهداف لم تتوقف عند حدود الأسماء البشرية، وضربت بقوة منصات الدفاع وإطلاق الصواريخ، ما حدث يشبه طلقة في الرأس قبل أن تبدأ المعركة.