عادت إلى واجهة الأحداث مجددًا بفعل تصريحات نارية أطلقها الجنرال كريستوفر دوناهو، قائد الجيش الأمريكي في أوروبا وأفريقيا، وقائد القوات البرية في الناتو، حين قال إن الحلف "خطط لقمع القدرات الدفاعية الروسية في مقاطعة كالينينغراد"، فما الذي يجري في الزاوية الغربية القصوى من الخريطة الروسية؟.
بمساحة لا تتجاوز 15,000 كيلومتر مربع، ومسافة تفصلها عن الأراضي الروسية الرئيسة تزيد على 400 كيلومتر، تبدو كالينينغراد على الخريطة وكأنها منعزلة، لكنها في الحقيقة، أقرب إلى برميل بارود جيوسياسي على حافة أوروبا.
حيث تحتضن كالينينغراد قاعدة بحرية ضخمة لأسطول بحر البلطيق، وتنتشر فيها أنظمة صاروخية متقدمة مثل إسكندر-M، القادر على حمل رؤوس نووية والوصول إلى أهداف على بعد 500 كيلومتر، كما نشرت روسيا فيها منظومات دفاع جوي من طراز S-400، ورادارات متقدمة تراقب كل شبر من الأجواء الأوروبية.
"كالينينغراد جزء لا يتجزأ من روسيا أي اعتداء عليها لن يُقابل إلا باستخدام كل أدوات الردع الممكنة"، هكذا جاء الرد الروسي على تصريحات دوناهو حيث صرح نيكولاي باتروشيف، مساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن أي هجوم على كالينينغراد سيقابَل برد "فوري وساحق"، يشمل "جميع الوسائل العسكرية الروسية، بما فيها ما تنص عليه العقيدة النووية".
رغم أن عدد سكان كالينينغراد لا يتجاوز مليون نسمة إلا أن أهميتها تفوق ذلك بأضعاف، فهي المنفذ العسكري الأطلسي الوحيد لروسيا على بحر البلطيق، وتحاصرها دول أعضاء في حلف "الناتو"، مما يجعلها نقطة احتكاك دائمة في الاستراتيجيات الغربية، فهي ليست مجرد منطقة حدودية، بل عقدة استراتيجية، وورقة ضغط نووية، وخط أحمر تعي موسكو جيدًا كيف ترسم حوله حدود الصمت… والرد.
