هل نحن على أعتاب حربٍ كبرى تُشعل جنوب القوقاز؟.. ليس سؤالا افتراضيا بل تحذيرٌ أطلقته طهران صراحة، وسببه "ممر زانجيزور" أو كما يُلقب "جسر ترامب".
ذلك الشريط الضيق من الأرض، بطول 42 كيلومترا فقط، يمر بين أرمينيا وأذربيجان، ويبدو للوهلة الأولى مشروعا اقتصاديا لكنه في الحقيقة ممر جيوسياسي بالغ الخطورة، فما القصة؟
بعد حرب 2020 بين أرمينيا وأذربيجان، برز مطلبٌ قديم جديد.. فتح ممر يربط أذربيجان بجيب "نخجوان" الاستراتيجي، المحاصر بين إيران وأرمينيا وتركيا.
لكن الجديد اليوم هو انخراط أمريكا في المشروع، ونيتها بناء ما يُعرف إعلاميا بـ "جسر ترامب"، تحت غطاء شركة أمريكية خاصة، ستحصل على 40٪ من الإيرادات، مقابل 30٪ لأرمينيا وعلى مدار 99 عاما.
الممر يربط أراضي أذربيجان بجمهورية "نخجوان" ذاتية الحكم، ويفتح طريقا مباشرا بين باكو وتركيا، دون المرور بالأراضي الإيرانية، ما يُضعف النفوذ الجغرافي لإيران في جنوب القوقاز.
الأخطر أن هذا الجسر سيمر على حدود إيران، تحت حماية مقاتلين أمريكيين، لا ينتمون للجيش الرسمي بل لشركة أمنية خاصة، لها تفويض باستخدام القوة، لحماية الممر.
وهنا اشتعلت الصفارات الحمراء في طهران فقد وصفت إيران المشروع بـ "التهديد المباشر لأمنها القومي"، وهددت بالرد القاسي، إن حاولت أي حكومة، إقليمية أو دولية، تنفيذ الممر.. لكن لماذا كل هذا الغضب الإيراني؟
يفسر ذلك لأن "جسر ترامب" لا يفتح ممرا اقتصاديا فقط بل يُغلق على إيران آخر متنفس جغرافي لها في جنوب القوقاز، ويفتح للأمريكيين نافذة تطلّ مباشرة على حدودها، إنه وفق مراقبين مشروع يبدو وكأنه "ممر تجاري"، لكنه في الحقيقة مفتاح لصراع جيوسياسي قد ينفجر في أي لحظة.