في قلب أوروبا..وعلى ضفاف بحر البلطيق الباردة تقف كالينينغراد كإحدى أكثر النقاط توترًا واشتعالًا في الصراع بين روسيا والغرب..
منطقة صغيرة جغرافيًّا لكنها تحمل وزنًا نوويًّا واستراتيجيًّا هائلًا قد يجعل منها شرارة لحرب لا تُخاض بالرصاص بل بالصواريخ النووية والمناورات الجيوسياسية.
فهل نشهد تحول التوتر السياسي إلى صراع عسكري شاملٍ لا تُحمد عقباه؟
كالينينغراد.. رأس الحربة في العمق الأوروبي
تُعد كالينينغراد أكثر من مجرد جيب جغرافي فهي قاعدة عسكرية متقدمة مزوّدة بصواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية، تملك القدرة على الوصول إلى مراكز القرار في أوروبا خلال دقائق.
وفيها يتمركز أسطول بحر البلطيق الروسي وفرق من النخبة الجوية والبحرية ومحطات رادار ومنظومات دفاع متطورة تجعلها إحدى أكثر المناطق تحصينًا في أوروبا الشرقية.
تخشى دول البلطيق من أن تستخدم روسيا ممر سوالكي – الذي يربط بيلاروسيا بكالينينغراد – لعزلها تمامًا عن بقية أراضي الناتو.. تحذيرات متزايدة من سيناريو عسكري تلوح في الأفق، خاصة مع تعزيز الناتو وجوده العسكري حول المقاطعة في محاولة لمحاصرتها، واستفزاز موسكو بإعادة استخدام تسميات تاريخية للمنطقة تعود لِما قبل الحقبة السوفيتية.
إضافةً لعقوبات وخنق لوجستي للمقاطعة لكن روسيا تحاول إنعاشها عبر الطرق البحرية والجوية عبر أسطولٍ يعمل على مدار الساعة لنقل الإمدادات بعدما منعت دول البلطيق مرور البضائع عبر أراضيها.
مناورات الغرب.. تدريب على احتلال كالينينغراد
مؤخرًا مع التطورات المتسارعة في الحرب الأوكرانية التي مالت كفّتها بوضوح لصالح الكرملين.. خرج نيكولاي باتروشيف مساعد الرئيس الروسي ليحذر من أن مناورات الناتو الأخيرة تتضمن تدريبات على احتلال كالينينغراد وتوجيه ضربات استباقية للترسانة النووية الروسية في سيناريو مثير للقلق يُحاكي صراعًا شاملًا بين الشرق والغرب.
وفي الوقت ذاته أرسل الناتو إشارات واضحة حول جاهزيته للتحرك دون دعم أمريكي مباشر حيث جرت أكبر مناوراته هذا العام في بلغاريا ورومانيا واليونان بمشاركة آلاف الجنود ضمن تدريبات "Steadfast Dart 2025".
توجس أوروبي واستعداد لأسوأ السيناريوهات
موقع بيزنس انسايدر يقول، إن ألمانيا قامت بإنشاء "اللواء المدرع 45" ونشره بشكل دائم في ليتوانيا على مرمى حجر من الحدود الروسية.. يضم اللواء 5 آلاف جندي ويُعد تجسيدًا لتحول جذري في العقيدة العسكرية الألمانية للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية وسط تصاعد التوتر مع موسكو..
وفي وقت سابق كشفت صحيفة لوفيغارو الفرنسية عن استعدادات عسكرية ودبلوماسية في فرنسا ودول أوروبية أخرى لمواجهة سيناريوهات تصعيد محتملة مع روسيا تشمل اجتياحات محدودة أو "حروبًا هجينة" تهدف لتقويض وحدة القارة الأوروبية.
ورغم استبعاد حرب شاملة في المدى القريب فإن التوقعات الأوروبية تشير إلى احتمال قيام روسيا بعمليات عسكرية محدودة خلال 4 أو 5 سنوات أو حتى أقرب وفقًا لقادة دول البلطيق الذين يعتقدون أن الخطر أقرب مما يُظن.
والقلق الأوروبي يتركّز فعليًّا حول دول البلطيق خصوصًا مدينة نارفا الإستونية وممر "سوفالكي"، إلى جانب تحركات سويدية لتعزيز جزيرة غوتلاند ومخاوف من نشاط روسي قرب جزر سفالبارد النرويجية.
ورغم نفي موسكو المتكرر لأي نية عدوانية وتشديدها على أن تحركاتها دفاعية بحتة إلا أن مؤشرات التصعيد لا تهدأ..
فهل نشهد فصلًا جديدًا من الصراع في قلب أوروبا..أو أن كالينينغراد ستظل ورقة ضغط نووية في لعبة شطرنج لا ترحم؟
