في أوروبا، لم تعد السيادة الوطنية كما كانت.
اليونان اليوم ليست فقط أمام محكمة العدل الأوروبية، بل في قلب معركة أعمق بكثير.. معركة "أوروبا أولا" على غرار سياسة ترامب الحمائية.
المفوضية الأوروبية تتهم أثينا بانتهاك قواعد السوق الموحدة، بعدما سمحت ببيع سلع مثل التبغ والكحول دون فرض "الضريبة الانتقائية" في متاجرها الحدودية.
امتيازٌ كان مشروعًا في السابق، لكنه أصبح ممنوعًا منذ عام 2017. والآن، ترى بروكسل أن زمن الاستثناءات والمجاملات قد انتهى.
ورغم محاولات الحكومة اليونانية تصحيح أوضاعها، إلا أن الرسالة الأوروبية كانت حاسمة: الامتثال أو المواجهة.
هذه الخطوة لا تعكس نزاعًا ضريبيًا فحسب، هي إنذار سياسي، يُظهر تشددًا متزايدًا من بروكسل في فرض قواعد السوق على الدول الأعضاء، حتى لو تعارضت مع حساسياتها الوطنية.
وفي حين تخضع دولة عضو للمساءلة القانونية، تتلقى أستراليا، الحليف التجاري التقليدي، ضربة مختلفة، ولكن لا تقل إيلامًا.
ففي خطوة مفاجئة، قررت المفوضية الأوروبية تقليص حصة واردات الصلب المعفاة من الرسوم، وفرض ضرائب مضاعفة على ما يتجاوزها، في نسخة أوروبية من السياسة الحمائية التي تبنّاها ترامب.
النتيجة: خطر يهدد مئات الملايين من الصادرات الأسترالية، في وقت يواجه فيه قطاع الصلب المحلي انهيارًا فعليًا.
قرارٌ تراه كانبرا طعنة من حليف، في توقيت حرج اقتصاديًا.
ما يجمع بين الحالتين أن المنطق قد تغيّر: الاتحاد الأوروبي لم يعد تكتلًا اقتصاديًا مرنًا، بل تحول إلى سلطة تعيد خط معالم السيادة والتعاون، داخليًا وخارجيًا.
وكل ذلك في وقتٍ تعاني فيه أوروبا من ركود اقتصادي خانق، يجثم حتى على أقوى دولها، كفرنسا وألمانيا.