تعرَّضت شركات صناعة الصلب الأسترالية إلى سلسلة من الاضطرابات في الأسواق العالمية، بعدما أعلنت المفوضية الأوروبية نيتها اتباع نهج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مضاعفة الرسوم الجمركية لحماية المنتجين المحليين من المنافسة الصينية منخفضة التكلفة.
وكشفت "فايننشال ريفيو" أن هذه الخطوة الأوروبية، التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ منتصف العام المقبل إذا أُقِرت رسميًا، تعد مرحلة جديدة تقضي بتخفيض حصة الواردات المعفاة من الرسوم إلى 18.3 مليون طن سنويًا، ورفع الضريبة على ما يتجاوزها إلى 50%.
من جهتها، بررت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين القرار بأنه ضرورة لحماية الوظائف في الكتلة ودعم مسار إزالة الكربون في القطاع الصناعي، مؤكدة أن "القدرة الفائضة عالميًا تضر بصناعتنا، وعلينا التحرك الآن".
ويعتقد مراقبون أن العاملين في قطاع صناعة الصلب الأوروبية يبلغ عددهم نحو 300 ألف شخص؛ ما يجعل القضية سياسية واقتصادية بالغة الحساسية داخل الاتحاد الأوروبي.
الصدمة الأسترالية.. تراجع الحصة الأوروبية
بحسب بيانات الأمم المتحدة التي حللتها منصة Trading Economics، بلغت صادرات أستراليا من الحديد والصلب إلى الاتحاد الأوروبي نحو 224 مليون دولار أسترالي في 2024، شكلت الصفائح المسطحة المستخدمة في البناء وصناعة السيارات والأجهزة المنزلية أكثر من 80% منها.
ولذلك، فإن هذا القرار يعني أن الصادرات الأسترالية مهددة بتكاليف مضاعفة، في وقت تتزايد فيه إجراءات الحماية في الغرب ضد الإغراق الصيني، خصوصًا أن الأسواق العالمية تشهد تدفقًا غير مسبوق للصلب الصيني بعد انهيار قطاع العقارات في الصين وضعف الطلب المحلي.
وللتخلص من الفائض، ضخّت بكين صادراتها إلى الخارج، ما تسبب في ضغط هائل على المنتجين في أوروبا وأمريكا وأستراليا، كما تؤكد بيانات "UK Steel" أن الصادرات الصينية من الصلب ارتفعت بنسبة 38% في 2023، و20% إضافية في النصف الأول من 2024.
ويرى المحللون أن الحكومة الأسترالية تسعى إلى دعم صناعتها المتعثرة، فقد منحت 500 مليون دولار عبر صندوق Future Made in Australia لإنقاذ مصنع "وايالا" للصلب في جنوب البلاد بعد دخوله مرحلة الإدارة القضائية.
لكن هذه الجهود تواجه ضغوطًا مضاعفة، إذ فرضت إدارة ترامب رسومًا بنسبة 50% على الصلب والألومنيوم الأستراليين، رغم محاولات حكومة أنطوني ألبانيز الحصول على إعفاء.
وكشفت مصادر مطّلعة أن هذه الخطوة الأوروبية أثارت أيضًا ذعرًا بين صناع الصلب البريطانيين، الذين وصفوها بأنها "أكبر أزمة تواجه القطاع"، مطالبين الحكومة في لندن باتخاذ تدابير مماثلة لحماية الصناعة الوطنية من موجة الإغراق القادمة.
ورجَّح خبراء أوروبيون أن حرب الرسوم الجمركية على الصلب أصبحت وجهًا آخر من سباق القوى الكبرى على النفوذ الاقتصادي؛ فبينما تُبرر كلٌّ من واشنطن وبروكسل قراراتهما بحماية العمالة والأمن الصناعي، يرى مراقبون أن الغرب بصدد بناء جدار تجاري جديد ضد الصين، قد يسحق في طريقه شركاء مثل أستراليا.