لا صفّارات إنذار ولا دبابات على الحدود.. لكن أوروبا تعيش، اليوم، حربًا من نوعٍ آخر.
شرق بولندا، قطار مدني خارج الخدمة، ومسار حديدي مغلق.
الشرطة تحقق، والرحلات تتعطل لساعات.
وعلى المسار ذاته، توقّف قطار شحن في ظروف مشابهة.
الرسالة كانت واضحة: الخطر لا يأتي دائمًا من الجبهة. أصابع الاتهام موجهة إلى روسيا.
منذ اندلاع حرب أوكرانيا العام 2022، بدأت تتشكّل حرب ظلّ في قلب القارة الأوروبية.
تفجيرات محدودة، حرائق غامضة، هجمات سيبرانية، تعطيل قطارات، تشويش مسيّرات…
أحداث تبدو منفصلة، لكنها ـ وفق أجهزة الاستخبارات الغربية ـ خيوط في شبكة واحدة.
روسيا، تقول هذه الأجهزة، لا تحتاج إلى جيوش لعبور الحدود.
تستخدم وكلاء مأجورين، ومجرمين سابقين، وعمليات عابرة للحدود..
تكلفة منخفضة، وأثر مرتفع، وهدف واحد: استنزاف أوروبا.
بحسب قاعدة بيانات لوكالة أسوشيتد برس، سُجّلت 145 حادثة تخريب مرتبطة بهذه الحرب الهجينة. أضرارها المادية محدودة، لكن أثرها الأمني هائل.
تحقيقات طويلة، وتنسيق معقّد بين الدول، واستنزاف يومي لأجهزة الأمن.
رئيس جهاز استخبارات أوروبي يقولها بصراحة:
الوقت الذي نُضيعه في ملاحقة التخريب الروسي، بات يعادل وقت مكافحة الإرهاب.
بولندا ردّت بنشر 10 آلاف جندي لحماية البنية التحتية. دول أخرى عززت أمن السكك الحديدية، والموانئ، وشبكات الطاقة. لكن التحدي لا يزال قائماً، لأن هذه الحرب لا تتوقف.
الكرملين ينفي أي علاقة. لكن البصمات، كما يقول المسؤولون الغربيون، واضحة.
إنها حرب بلا إعلان، بلا جبهات، وبلا نهاية قريبة.
حرب تُخاض في الظل دون إطلاق رصاصة واحدة.. لكن ارتداداتها تُسمَع في كل أوروبا.