على أبواب البيت الأبيض، تتزاحم الأسئلة قبل أن تبدأ الاجتماعات.
فولوديمير زيلينسكي لا يأتي فقط كرئيس في زمن حرب، بل كممثل لمواجهة أوسع تتجاوز حدود أوكرانيا. إنه صراع على ملامح النظام الدولي، بين من يريد تثبيته، ومن يسعى لإعادة تشكيله بقوة السلاح والنفوذ.
زيارة زيلينسكي إلى واشنطن لا تتعلق بالدعم العسكري وحده، بل بمكانة بلاده في خرائط ما بعد الحرب، وبقدرة الغرب على مواصلة الرهان في معركة استنزفت الجميع.
في هذا اللقاء، تتلاقى أوراق الحرب والدبلوماسية، وتُطرح أسئلة كبرى: إلى متى سيصمد الدعم؟ ومن يرسم الخط الأحمر التالي؟
ترامب، بعد قمة ألاسكا مع بوتين، يبدو حريصًا على فرض مقاربته الخاصة لإنهاء الحرب. لكن بأي ثمن؟ فالرئيس الأمريكي يشير بوضوح إلى ضرورة قبول زيلينسكي بشروط بوتين الأساسية: لا عودة للقرم، ولا انضمام للناتو. هي معادلة قد تُنهي الحرب سريعًا، كما يقول ترامب، لكنها تُبقي على الجرح مفتوحًا في الوجدان الأوكراني.
ومع اصطفاف قادة أوروبا خلف زيلينسكي في هذا الاجتماع غير المسبوق، يظهر التوتر بين منطق "السلام بأي ثمن" ومنطق "السلام العادل". ماكرون كان صريحًا حين قال إن "بوتين لا يريد السلام، بل استسلام أوكرانيا"، في إشارة إلى هشاشة أي اتفاق لا يستند إلى القانون الدولي.
فهل يستطيع زيلينسكي أن يرفض أمام هذا الثقل الأمريكي؟ وهل يملك هامش المناورة في ظل توازنات معقدة ومطالب شعبه الرافض للتنازل عن الأرض والسيادة؟
الاجتماع قد يكون لحظة حاسمة، ليس فقط لمصير أوكرانيا، بل لاختبار شكل النظام العالمي القادم: هل هو عالم تحكمه المبادئ، أم الصفقات؟
التحليل يشير إلى أن ترامب يسعى لاستخدام الملف الأوكراني كورقة داخلية وخارجية معًا: إرضاء قاعدته بوعد "إيقاف الحروب"، وفرض مشهد قيادي يعيد بناء صورته الدولية. لكن في المقابل، فإن أي تسوية لا تحمل ضمانات واضحة وحقيقية لأوكرانيا، قد لا تنهي الحرب، بل ترجئها أو تطيل أمدها.
فهل يملك زيلينسكي حق القرار أم أنه مجرد طرف في لعبة أكبر؟