بعد سنوات من الجدل والمفاوضات المتقطعة، يبدو أن الملف النووي الإيراني يقترب من نقطة اللاعودة.
التصعيد الأخير حول أنشطة طهران النووية، وتفعيل "آلية الزناد" من قبل القوى الغربية، أدخلا الأزمة في أخطر مراحلها منذ انكشاف البرنامج قبل أكثر من عقدين.
آلية الزناد، المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن رقم 2231، تتيح لأي طرف في الاتفاق النووي أن يطلب "الإرجاع التلقائي" للعقوبات الأممية، في حال وجود خرق جوهري، وما يجعل هذه الآلية شديدة الفاعلية أنها محصّنة من الفيتو داخل مجلس الأمن.
تعطيل العقوبات يتطلب تصويتًا إيجابيًّا من المجلس، وهو احتمال شبه مستحيل وسط الانقسامات الدولية الحالية. ومع بدء العد التنازلي، بات أمام إيران 30 يوماً فقط قبل أن تُعاد عليها عقوبات أممية كانت قد رُفعت بموجب الاتفاق النووي عام 2015. وتشمل العقوبات حظر التسليح، وتجميد الأصول، والقيود على المعاملات المالية، إلى جانب خسارة محتملة لمليارات اليوروهات المجمدة في البنوك الأوروبية.
ردود الفعل لم تتأخر.. مصدر دبلوماسي أوروبي أكد لموقع "إرم نيوز"، أن الترويكا الأوروبية (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) أعدّت بالفعل قائمة عقوبات جاهزة للتنفيذ، تشمل حرمان طهران من مبلغ 12 مليار يورو من الأموال المجمدة التي كانت تفاوضت عليها لفك الحظر، بل وحصلت على وعود أوروبية بإطلاقها قبل أن تتعثر المحادثات مجددًا.
لكن على الضفة الإيرانية المشهد مغاير تماما..
طهران ترى في الخطوة الأوروبية "ابتزازًا سياسيًّا" وتحركًا أحاديًّا يُقوّض أي أمل في استئناف الحوار. التصريحات الصادرة من مسؤولين إيرانيين تحذر من أن إعادة فرض العقوبات قد تدفع البلاد إلى تقليص تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بل وذهبت بعض التصريحات إلى التلويح بالانسحاب من معاهدة عدم الانتشار النووي، وهو تطور من شأنه أن يفتح أبواب التصعيد على مصراعيها.
من جهة أخرى، أبدت روسيا والصين اعتراضهما الواضح على المسار الذي اتخذته العواصم الأوروبية الثلاث، مؤكدتين أن هذه الخطوة تتجاهل الإجراءات الملزمة في آلية حل النزاعات داخل الاتفاق النووي، وأكدتا دعمهما لاستمرار "المفاوضات والدبلوماسية" بدل التصعيد.
المحللون يرون في تفعيل "آلية الزناد" نقطة تحول، فإما أن تتجه الأزمة نحو جولة مفاوضات جديدة بشروط أكثر صرامة، أو تندفع المنطقة إلى مسار تصعيدي مفتوح..