logo
السكّر أغلى من الذهب.. المقايضة سلاح الغزيين الأخير في معركة الجوع
فيديو

السكر أغلى من الذهب.. المقايضة سلاح الغزيين الأخير في معركة الجوع (فيديو إرم)

25 يوليو 2025، 4:06 ص

في شوارع غزة المنهكة، خفَتت الأصوات، وساد الصمت. لا أوراق نقدية، لا حركة في الأسواق، فقط همسات الجوع وأنين الحاجة.

في قلب مدينة غارقة تحت ركام الحرب، تولد من رحم الفقر لغة جديدة للبقاء: المقايضة. ليست خيارًا، بل اضطرارًا، بعدما صار المال نادرًا، والمصارف مغلقة، واللقمة أمنية معلّقة.

في أسواق بديلة نشأت من رحم العجز، تُعرض كل السلع الممكنة: ألعاب أطفال، أكياس عدس، علب تونة، حتى الكاميرات والممتلكات الشخصية. كل شيء يُقايض، لا وفقًا لقيمته السوقية، بل لحجم الحاجة.

حبة دواء قد تُستبدل برغيف خبز، وعلبة حليب أطفال باتت أثمن من الذهب.
وتحوّلت المجموعات الافتراضية إلى ساحات تبادل، تنشر فيها صور للزيت والدقيق والتونة في انتظار "صفقة نجاة".

المال فقد قيمته. فحتى من يملكه، يجد صعوبة في استخدامه. المصارف مغلقة، والصرّافون يقتطعون ما يزيد عن 40% من المبالغ. من يسحب 100 شيكل، يحصل على 58 فقط.
أما الدقيق، فقد أصبح العملة الجديدة، وتجاوز سعر الكيلو 100 شيكل. السكر وحليب الأطفال باتا سلعًا نادرة، مع ارتفاع الأسعار بنسبة 4000%، وفق تقارير الأمم المتحدة.

المقايضة لم تعد للسلع فقط، بل للخدمات أيضًا: عيادة تُعالج مقابل البن، خياط يخيط مقابل علبة سمنة، معلمة تُدرّس مقابل كيس أرز. لم يعد هناك اقتصاد نقدي، بل اقتصاد الحاجة والنجاة.

ثقافة البقاء فرضت نظامًا بديلًا، تُقاس فيه الحياة بلترات الماء وأكياس الدقيق، لا بالرواتب ولا بالأسعار. الناس لم يعودوا تجارًا، بل ناجين يبحثون عن غدٍ غير جائع.

في ظل توقّف المطابخ المجتمعية، وانقطاع المساعدات، يواجه السكان معادلة قاسية: إما أن تقايض أو تجوع.

في غزة اليوم، سؤال واحد على كل الشفاه: "هل تملك ما تتبادل به؟"
فالحياة هنا لم تعد تُقاس بالأيام، بل بالوجبات.
أكبر هم الغزي، أن ينام طفله دون بكاء. أن يجد وجبة بسيطة. أن يبقى على قيد الحياة، يومًا آخر فقط.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC