بينما تنشغل المنطقة بحسابات القوة التقليدية.. تتحرّك تايوان بهدوء نحو ساحة قتال مختلفة تمامًا.
ساحة لا يعلو فيها صوت الدبابات، ولا يلمع فيها وهج الصواريخ، بل تتحكم بها طائرات صغيرة، غير مأهولة، لكنها قادرة على تغيير قواعد اللعبة.
خلال الأيام الماضية، كشفت تايبيه عن خطة لزيادة استثماراتها في تقنيات الطائرات دون طيار، بأكثر من مليار دولار تايواني.
رقم يبدو عاديًّا للوهلة الأولى، لكنه في الواقع يُعلن عن انتقال البلد إلى مرحلة جديدة في إستراتيجيتها الدفاعية، مرحلة عنوانها: القوة غير المتماثلة.
تايوان تريد "درونز" تعمل بلا GPS، مقاومة للتشويش، وبطاريات عالية الكثافة.
لماذا؟ لأن أي مواجهة محتملة مع بكين لن تشبه الحروب التي عرفناها. ستكون حربًا إلكترونية، صامتة، تعتمد على من يملك عينًا في السماء ولحظة رد فعل أسرع.
ومن الواضح أن درس الحرب الروسية الأوكرانية وصل إلى تايبيه. هناك، تحولت الطائرات الصغيرة إلى لاعب كبير، قلب موازين كثيرة، وفتح شهية الدول على الاستثمار في هذه التكنولوجيا.
وهنا… أدركت تايوان أن الدرونز لم تعد أداة مراقبة فقط، بل سلاح قادر على إرباك الخصم ونسف خططه قبل أن تبدأ.
لكن القصة لا تتوقف عند الجيش. تايوان تخطط لبناء قطاع صناعي كامل للمنصات غير المأهولة: جوية، وبحرية، وتحت مائية. عشرات الآلاف من الدرونز ستدخل الخدمة المدنية والعسكرية.
وكأن الجزيرة الصغيرة تستعد لتحويل نفسها إلى إحدى أكثر البيئات المتقدمة في هذا المجال.
الأهم أن تايوان تسعى لفكّ ارتباطها بسلاسل التوريد الصينية، في خطوة قد تكون الأكثر حساسية في هذا الملف. فهي لا تريد فقط "درونز" أكثر، بل درونز لا تعتمد على بكين في أي جزء من أجزائها.
في النهاية، ما تقوم به تايوان اليوم ليس مجرد تحديث عسكري، بل محاولة لبناء درع غير مرئي، يمكنه أن يردع خصمًا عملاقًا، قبل أن تنطلق الطلقة الأولى.