من غزة إلى أوكرانيا.. تتكشف اليوم واحدة من أخطر الأزمات العسكرية التي لم تكن في الحسبان.. أزمة "التي إن تي"، المادة التي تصنع الحرب، وتتحكم بسقف القوة.
لم يكن أحد يتوقع أن حربا تُخاض في مساحة صغيرة كقطاع غزة، ستنجح في تعطيل قدرة حلف الناتو على تزويد أوكرانيا بذخيرة المدفعية.. لكن الحقيقة الصادمة التي يكشفها تقرير عسكري غربي تقول إن الاستخدام "الاستثنائي" لمادة TNT خلال الهجمات الإسرائيلية على غزة أحدث شللا في مخزون الناتو، وأربك خطط أوروبا العسكرية من أساسها.
السبب.. لأن أوروبا تعتمد بشكل يبدو اليوم عبثيا على مصنع واحد فقط في بولندا يُدعى "نيترو كيم"، وهو المصنع الوحيد في القارة القادر على إنتاج هذه المادة الحساسة.. مصنع واحد يغذي أوكرانيا، ويغذي الناتو، ويغذي حتى الولايات المتحدة التي استحوذت على معظم إنتاجه خلال الشهور الماضية لدعم إسرائيل بقنابل ضخمة خارقة للتحصينات.
وبينما كانت واشنطن تصدّر آلاف القنابل إلى إسرائيل، كانت كييف على الجانب الآخر تقاتل بمدفعية تُرشد ذخيرتها لأن مخازن أوروبا بدأت تفرغ.. تقارير تقول إن مليون قذيفة وعد بها الاتحاد الأوروبي لم تصل لأن المادة الأساسية لصناعتها لم تعد متوفرة.
القصة هنا ليست في الكميات فقط بل في الصدمة الاستراتيجية.. الغرب، الذي يبني ميزانيات دفاعية بمئات المليارات، اكتشف فجأة أنه مربوط بمصنع واحد بقدرة إنتاج لا تتجاوز عشرة آلاف طن سنويا، في وقت تحتاج فيه الحروب الحديثة إلى أضعاف ذلك.
الأخطر أن البدائل غير موجودة.. الولايات المتحدة وبريطانيا توقفتا عن إنتاج TNT منذ سنوات بسبب التلوث، وأوروبا لا تريد مصانع جديدة لأسباب بيئية، أما الدول القادرة فعليا على الإنتاج الصين وروسيا فهي خارج الحسابات الجيوسياسية تماما.
