لم تكن كييف هذه المرة على موعد مع إنذارٍ صارم أو ضربةٍ محدودة.
لقد كانت تحت جحيم الطائرات المسيّرة والصواريخ الروسية، في هجوم هو الأعنف منذ شهور.. هجوم أعاد لأذهان الأوكرانيين الأيام السوداء الأولى من الحرب، وكأن التاريخ يكرر نفسه، لكن بثقل أكبر ورسائل أعمق.
450 طائرة مسيرة و30 صاروخًا.. رقم كبير يعبر عن واقع صادم غيّر ملامح العاصمة خلال ساعات.
انفجارات وحرائق وظلامٌ يغمر الأحياء بسبب استهداف منشآت الطاقة. القصف الروسي تسبب في انقطاع المياه عن مليوني شخص في كييف، وفقا لإحصاء رسمي أوكراني.
لكن، ماذا وراء هذا التصعيد؟ ولماذا الآن؟
الكرملين، وفق محللين، يختبر صبر الغرب ويرسم معادلات ميدانية جديدة موجها رسالة دموية: "أي سلاح بعيد المدى، مثل التوماهوك، يعني تصعيدًا غير مسبوق، وربما نقطة اللاعودة".
وبينما تسعى واشنطن لتبدو وكأنها تبحث عن حل، يقول مراقبون إن استمرار تدفق السلاح، يصب الزيت على النار، ويُطيل أمد الحرب.. حربٌ يرى البعض أن أمريكا لا تريد نهايتها بعد.
ومع هذا التصعيد، بدأت كييف تفقد شيئًا فشيئًا القدرة على الردع، في ظل تراجع الدعم الغربي الفعّال، وانهيار بعض خطوط الدفاع.
روسيا، وفق الخبراء، لا تسعى لتدمير شامل.. بل لاستنزاف مدروس، يربك الداخل الأوكراني، ويُشعل الخوف في عواصم أوروبا.
نحن أمام مشهد أكثر تعقيدًا، لا غالب واضح ولا سلام قريب. لكن المؤكد أن كييف لم تعد كما كانت، وأن الشتاء القادم، سيكون أثقل من مجرد موسم برد قارس.