من غزّة إلى بيروت، مرورًا بدمشق وطهران، تتبع إسرائيل استراتيجية ثابتة وفعّالة في مواجهتها مع خصومها: تصفية القادة قبل تفكيك التنظيمات.
وعلى مدار الأشهر الأخيرة، صعّدت تل أبيب من عمليات الاغتيال الممنهجة ضد الصفوف العليا في حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وقيادات حزب الله، وصولًا إلى كبار المسؤولين العسكريين في إيران، في محاولة لإضعاف بنية ما يُعرف بمحور المقاومة من رأسه لا من أطرافه.
منذ عملية 7 أكتوبر 2023، ركّزت إسرائيل جهودها على استهداف قيادات الصف الأول في حماس، ما أدى إلى مقتل شخصيات محورية مثل صالح العاروري في بيروت، ويحيى السنوار وأخيه محمد، ومحمد الضيف في غزة، بالإضافة إلى اغتيال إسماعيل هنية في طهران، بحسب ما أُعلن لاحقًا. وتُعد هذه العمليات جزءًا من حملة متواصلة تهدف إلى تفكيك القيادة والسيطرة داخل الحركة.
أما في لبنان، فقد شهد أواخر عام 2024 تصعيدًا ملحوظًا في الضربات الإسرائيلية ضد قيادة حزب الله، أبرزها اغتيال الأمين العام حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية، إلى جانب فؤاد شكر، وإبراهيم عقيل، ومحمد سرور، وإبراهيم قبيسي، المسؤول عن منظومة الصواريخ. هذا التصعيد يعكس نية إسرائيل ضرب مركز القرار العملياتي، وإرباك الحزب في لحظة حساسة من المواجهة.
وفي إيران، وصلت هذه الاستراتيجية ذروتها مؤخرًا مع مقتل أكثر من 25 قائدًا عسكريًا في ضربة واحدة، بينهم رئيس الأركان محمد حسين باقري، وقائد الحرس الثوري حسين سلامي، ورئيس مقر "خاتم الأنبياء" غلام علي رشيد.
بحسب محللين إسرائيليين، فإن هذه الاغتيالات تهدف إلى شلّ قدرة المحور على التخطيط والتنفيذ وخلق فراغات يصعب ملؤها. لكنها، في الوقت نفسه، قد تدفع الخصوم نحو تصعيد غير محسوب خارج الحدود.
ما يزال مدى الضرر الحقيقي الذي لحق بالبنية القيادية والعسكرية الإيرانية غير واضح بالكامل، لكن حجم الاستهداف، وطبيعته المركزة على "الرؤوس"، يعزز فرضية أن إسرائيل دخلت مرحلة جديدة من الصراع، تتجاوز الردع نحو تفكيك مركز القرار الإيراني.