أشعل واين روني، أسطورة مانشستر يونايتد، النار في "أنفيلد" بتصريحات لم تكن عابرة، بل جاءت كمشرط جراح يفتح جرحاً غائراً بدأ ليفربول في إخفائه.
روني لم يتحدث عن خطط آرني سلوت التكتيكية أو صفقاته الصيفية، بل وجّه أنظاره نحو لغة الجسد، وتحديداً لغة جسد القائد فيرجيل فان دايك والنجم الأول محمد صلاح.
التصريحات كانت واضحة: "لغة جسدهما تبعث على القلق". هذا التصريح يفتح باباً من التكهنات يتجاوز مجرد سوء النتائج، ليدخلنا إلى غرفة ملابس يبدو أنها لم تعد موحدة خلف المدرب الهولندي.
لم يكن صلاح وفان دايك مجرد لاعبين في عهد يورغن كلوب؛ إذ كانا الركيزتين الأساسيتين اللتين بُني عليهما مجد "الريدز". صلاح كان ماكينة الأهداف التي لا تهدأ، وفان دايك كان الصخرة التي تكسرت عليها هجمات المنافسين.
والآن، هما أهم من تبقى من "الحرس القديم"، يشاهدان الإمبراطورية تتأرجح تحت قيادة سلوت.
الوضع الحالي في ليفربول لا يدعم المدرب الجديد. الفريق يتخبط في سلسلة من النتائج السلبية، كان آخرها الخسارة أمام برينتفورد (2-3) وقبلها أمام الغريم مانشستر يونايتد (1-2)؛ ما جعل الفريق يترنح في المركز السابع.
لكن الأسوأ هو شكل دفاع ليفربول المقلق؛ الفريق الذي كان حصناً منيعاً، أصبح يستقبل الأهداف بسهولة مثيرة للريبة، وظهر ذلك بوضوح في كارثة الكرات الثابتة الأخيرة.
هنا يأتي دور فان دايك كقائد. هل "لغة جسده المقلقة" التي لمّح لها روني هي تعبير عن عجز، أم عن رفض ضمني لطريقة عمل سلوت الدفاعية التي فشلت في حمايته؟
على الجبهة الأخرى، يعيش محمد صلاح واحدة من أصعب فتراته. أرقام صلاح الصعبة هذا الموسم (3 أهداف فقط في 9 مباريات بالدوري) لا تشبه صلاح الذي نعرفه، والذي سجل 29 هدفاً الموسم الماضي.
النجم المصري يبدو معزولاً، تائهاً في منظومة سلوت، وكأن "الجناح الطائر" فقد بريقه. هل هذا تراجع طبيعي للاعب في الـ 33 من عمره، أم أنه "تمرد صامت" على مدرب لا يمنحه المركزية نفسها التي كان يتمتع بها مع كلوب؟
ما يزيد الطين بلة هو "شبح" يورغن كلوب الذي يرفض مغادرة "أنفيلد"؛ ففي الأسبوع الماضي فقط، خرج كلوب، الذي يشغل حالياً منصباً إدارياً في ريد بول، بتصريحات أثارت حنين الجماهير؛ إذ أكد أنه لن يدرب أي فريق آخر في إنجلترا، وعندما سُئل عن العودة لليفربول، قال: "نظرياً، هذا ممكن".
هذه الـ "ممكن" تزامنت مع انهيار نتائج سلوت، ومع تقارير تفيد بأن إدارة ليفربول قد تفكر جدياً في إعادة كلوب إذا استمرت الخسائر.
هنا، تصبح "لغة جسد" صلاح وفان دايك التي رصدها روني ذات معنى أعمق. هل هو مجرد شوق لكلوب، الأب الروحي الذي صنع مجدهما؟ أم أنه "انقلاب ناعم" يقوده أهم لاعبين في الفريق؟ قد لا يكون انقلاباً بالمعنى الحرفي، ولكنه قد يكون رسالة واضحة للإدارة: "نحن لا نؤدي مع هذا المدرب، والبديل الذي نعشقه فتح الباب لعودته".
في النهاية، قد تكون لغة جسد صلاح الباهتة وتراجع مستوى فان دايك الدفاعي هما السلاح الذي، بوعي أو بغير وعي، يمهد الطريق لعودة "الملك" الألماني إلى عرشه في "أنفيلد".