في عالم كرة القدم، قد يغفر الجمهور للمدرب خطأً تكتيكيًا عابرا، أو خسارة في مباراة لم يكن التوفيق فيها حليفا للفريق، لكن ما لا يمكن غفرانه هو العناد والمكابرة في الخطأ، خاصة عندما يكون الخطأ واضحا وضوح الشمس للجميع إلا للمدرب نفسه.
هذا هو لسان حال جماهير الأهلي السعودي بعد الخسارة المريرة أمام الفتح، والتي فتحت أبواب الجحيم على الألماني ماتياس يايسله بسبب إصراره الغريب وغير المبرر على الدفع بماتيو دامس، اللاعب الذي بات يُلقب في المدرجات بـ"فتى يايسله المدلل".
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة داخل قلعة الراقي: ما الذي يراه يايسله في دامس ولا يراه ملايين المشجعين والخبراء؟ هل هي قناعة فنية راسخة أم عناد شخصي لإثبات صحة وجهة نظر خاطئة؟ الواقع والأرقام يؤكدان أن وجود دامس في التشكيل الأساسي لم يعد مجرد وجهة نظر، بل تحول إلى عبء ثقيل يجر الفريق نحو الهاوية، وذلك عبر 4 كوارث رئيسة لا يمكن تجاهلها:
سوء التمركز الدفاعي المتكرر
أولى الكوارث وأكثرها وضوحا هي حالة التوهان الدفاعي التي يعيشها اللاعب، فدامس لا يفتقد فقط للسرعة أو القوة البدنية، بل يفتقد أيضا أبجديات التمركز الصحيح.
في مباراة الفتح، وكما حدث في مباريات سابقة، ظهرت الجهة التي يشغلها وكأنها شوارع مفتوحة للخصوم، سوء التمركز هذا يضرب مصيدة التسلل، ويكشف عمق الدفاع، ويجبر بقية المدافعين على ارتكاب الأخطاء لتغطية هفواته؛ ما يخل بتوازن الخط الخلفي بالكامل.
غياب الفاعلية الهجومية صفر إبداع
في الكرة الحديثة، الظهير أو اللاعب الجوكر لا بد أن يمتلك نزعة هجومية تدعم الفريق، لكن مع دامس، الأمر يبدو أشبه بالعدم. عندما يقرر التقدم للأمام، تنتهي الهجمة غالبا عند أقدامه.
لا عرضيات متقنة، لا اختراقات، ولا حتى تمريرات مفتاحية تفتح الملعب، زيادته العددية تصبح عبئا؛ لأنها تترك مساحات شاسعة خلفه دون أي مردود هجومي يُذكر؛ ما يجعله حاضرا غائبا في الشقين الدفاعي والهجومي.
التسبب في الكوارث المباشرة
لم يعد الأمر يتعلق بسوء أداء عام، بل بأخطاء كارثية مباشرة تؤثر في نتائج المباريات وتضيع البطولات، فالذاكرة الأهلاوية لا تزال طرية بخسارة كأس القارات الثلاث أمام بيراميدز، حيث كان دامس أحد أسباب الانهيار، وتكرر المشهد الكربوني أمام الفتح وتسببه في استقبال أهداف سهلة أو ارتكاب هفوات ساذجة داخل المنطقة. هذه الأخطاء الفردية القاتلة لم تعد صدفة، بل نمط متكرر يدفع ثمنه الفريق نقاطا غالية.
خلق فجوة ثقة بين المدرب والجمهور
الكارثة الرابعة والأخطر هي الأثر النفسي لهذا الإصرار، استمرار يايسله في الدفع بدامس رغم كل هذا الفشل خلق حالة من انعدام الثقة بين المدرب والمدرج الأهلاوي، الجمهور بات يشعر أن المدرب يفضل أبناءه المفضلين على مصلحة الكيان، وهذا الشعور هو بداية النهاية لأي مدرب.
عندما يدخل المشجع المباراة وهو يتوقع الخسارة بمجرد رؤية اسم لاعب معين في التشكيل، فهذا يعني أن المدرب قد فقد السيطرة على العوامل النفسية للفريق.
ختاما، رسالة الجمهور ليايسله واضحة: الأهلي أكبر من المجاملات، ورصيد النخبة والسوبر قد نفد تماما مع صافرة نهاية مباراة الفتح، فإذا لم يتدارك الألماني هذا الخطأ ويتخلى عن فتى يايسله المدلل، فقد يجد نفسه قريبا خارج أسوار النادي، ضحية لعناده قبل أي شيء آخر.