برهن المنتخب المصري من جديد على أن شخصية "البطل" لا تغيب مهما بلغت التحديات، فوزٌ لم يكن مجرد 3 نقاط على جنوب أفريقيا، في المواجهة التي جمعت بينهما، مساء أمس الجمعة، بل كان إعلاناً رسمياً عن تأهل "الفراعنة" إلى دور الـ16 من كأس الأمم الأفريقية 2025 كأول الصاعدين، وبصدارة مستحقة للمجموعة الثانية بالعلامة الكاملة (6 نقاط).
وشهدت المباراة خطأ لا يغتفر لمحمد هاني، نجم الفراعنة، فبينما كان الجميع يستعد لصافرة نهاية الشوط الأول، تلقى نجم الأهلي المصري البطاقة الصفراء الثانية ثم الحمراء في الدقيقة (45+2) بعد تدخل عنيف على لاعب جنوب أفريقيا، ليضع المنتخب في اختبار "الصمود" لعشرة لاعبين أمام طوفان "البافانا بافانا".
ورغم الفوز بهدف محمد صلاح من ركلة جزاء يظل ما فعله هاني سقطة فنية كبرى تستوجب الوقوف عندها.
1- توقيت "قاتل" أربك الحسابات
أن تُطرد في الدقائق الأخيرة من المباراة هو أمر يمكن احتواؤه، لكن أن تغادر الملعب مع نهاية الشوط الأول يعني أنك حكمت على زملائك بالركض خلف الكرة وتحمل ضغط بدني رهيب لمدة 45 دقيقة كاملة (شوط ثانٍ كامل) وهم بنقص عددي. هذا التوقيت هو الأسوأ لأي مدرب يريد بناء استراتيجية هجومية، حيث تحولت المباراة من رغبة في التعزيز إلى مجرد محاولة للصمود.
وهو ما حدث في الشوط الثاني حيث رأينا جميع اللاعبين يبذلون مجهودا مضاعفا من أجل الحفاظ على الهدف؛ ما منح المنافس أريحية للضغط عليك في وضع كان يمكن أن يكون أسوأ لولا براعة محمد الشناوي في العديد من التصديات الرائعة.
2- "سذاجة" الإنذارات المجانية
ما يثير حفيظة المحللين والجمهور هو "نوعية" الأخطاء التي ارتكبها محمد هاني، لم يكن الطرد نتيجة "لعبة انتحارية" لمنع هدف محقق، بل جاء نتيجة اعتراض غير مبرر وخشونة بجانب خط التماس، أي أن الكرة لا تشكل خطورة مباشرة على مرمى الشناوي، الحصول على إنذارات "مجانية" في وسط الملعب يعكس غياب التركيز والتهور في التعامل في مثل هذه البطولات القارية.
3- إجبار حسام حسن على "حرق" الأوراق
بسبب هذا الطرد، لم يملك حسام حسن ترف الوقت أو التجربة؛ بل أُجبر فوراً على إجراء تبديلات اضطرارية لترميم الثغرة الدفاعية التي خلفها هاني، هذا الأمر تسبب في "حرق" تبديلات كانت مخصصة لتنشيط الهجوم أو منح الراحة لبعض الركائز؛ ما قلص الخيارات الفنية المتاحة على الدكة خلال سير الشوط الثاني.
رأينا إمام عاشور يدخل في الشوط الثاني، وبدلا من أن يشكل خطورته وتسديداته المعتادة على مرمى جنوب أفريقيا حاول حماية الجانب الأيمن، كما رأينا محمد صلاح يهدر طاقته في العودة للدفاع؛ ما منح لاعبي جنو أفريقيا أريحية لتشكيل خطوة على مرمى الشناوي.

4- مقصلة الضغط النفسي
كرة القدم "حالة ذهنية" قبل أن تكون مجهوداً بدنياً، طرد هاني وضع ضغطاً عصبياً ونفسياً هائلاً على بقية اللاعبين، الذين شعروا بالتهديد طوال الشوط الثاني، هذا الضغط يؤدي عادةً إلى ارتباك التمرير وفقدان الثقة، ولولا بسالة الشناوي وتماسك خط الدفاع، لكان هذا الخطأ الفردي سبباً في ضياع مجهود منتخب بأكمله.
5- الغياب عن موقعة "أنغولا" وحسابات الصدارة
الغياب هنا ليس مجرد نقص عددي في قائمة المباراة القادمة، بل هو إرباك لخطط الجهاز الفني. مباراة أنغولا ستكون حاسمة في تأكيد الصدارة، وغياب الظهير الأساسي يفتح الباب أمام ثغرات قد يستغلها المنافس. كان بإمكان هاني أن يكون ورقة رابحة في حسم المركز الأول، لكنه برعونته جعل المنتخب يدخل مواجهة أنغولا وهو يبحث عن "حلول بديلة" لمركز الظهير الأيمن.
ختاما.. الروح القتالية التي ظهرت من بقية اللاعبين غطت على "خطيئة" محمد هاني، لكن في الأدوار الإقصائية، مثل هذه الأخطاء "الصغيرة" هي التي تخرج الكبار من البطولات. على هاني أن يراجع حساباته جيداً، فالقميص الوطني لا يحتمل "الاستهتار" بالبطاقات الملونة.