لم تعد النسخ الإلكترونية للوثائق الرسمية مجرد ملفات محفوظة على الأجهزة أو في السحابة، بل أصبحت سلعة مطلوبة في أسواق الإنترنت المظلم، حيث تُباع وتُستخدم في عمليات الاحتيال وسرقة الهوية.
ورغم أن الكثيرين يعتقدون أن جواز السفر المادي وبطاقات الهوية وبطاقات صعود الطائرة آمنة طالما تم الاحتفاظ بها بعيدًا عن الأيدي، إلا أن الواقع الرقمي يُظهر عكس ذلك تمامًا.
وثائقك في مرمى الخطر
تشير تقارير حديثة إلى أن مجرمي الإنترنت باتوا يستخدمون وسائل متطورة لسرقة الوثائق الشخصية وبيعها على الإنترنت المظلم.
وتشمل هذه الوسائل نشر برمجيات خبيثة على الأجهزة بهدف سرقة الملفات، بالإضافة إلى استغلال الثغرات الأمنية في مواقع السفر والمواقع الحكومية، التي عادةً ما تحتفظ بمعلومات حساسة مثل جوازات السفر وبطاقات الهوية المحفوظة رقميًّا.
ولم تتوقف أساليب الاحتيال عند هذا الحد، بل امتدت إلى إنشاء مواقع إلكترونية مزيفة تُحاكي الصفحات الرسمية لتسجيل الوصول في شركات الطيران، حيث يتم خداع المستخدمين لتحميل وثائقهم الشخصية عن طريق التصيّد الاحتيالي.
وفي حالات أخرى، يقوم المجرمون بسرقة الوثائق المادية، ثم مسحها ضوئيًّا وبيعها كنسخ إلكترونية.
تجارة سوداء
تُعد وثائق السفر من بين أكثر السلع طلبًا على الإنترنت المظلم، وذلك لعدة أسباب، أبرزها سهولة استخدامها، وعدم الحاجة غالبًا إلى عمليات تحقق صارمة، فضلًا عن احتوائها على بيانات شخصية يمكن استخدامها في أنشطة احتيالية مختلفة.
وتتفاوت أسعار هذه الوثائق بحسب نوعها وجودتها. فمثلًا، تُباع صور جوازات السفر الممسوحة ضوئيًّا بأسعار تتراوح بين 10 و200 دولار أميركي، وقد تصل إلى 5000 دولار لجوازات سفر مواطني الاتحاد الأوروبي.
أما بطاقات الهوية الممسوحة ضوئيًّا فتُعرض للبيع مقابل نحو 15 دولارًا. وعلى الرغم من أن هذه المبالغ قد تبدو محدودة، إلا أن قيمتها تتضاعف في سياق السوق السوداء، وخاصة عند استخدامها في جرائم إلكترونية معقدة.
كيف تحمي نفسك؟
إذا كنت مضطرًّا لحفظ نسخ إلكترونية من وثائق السفر، فمن الضروري تخزينها في خدمات سحابية موثوقة تدعم التشفير الكامل. ويُفضل تعطيل أي خيارات لمشاركة الملفات لضمان الخصوصية.
كما يُنصح بالحذر الشديد عند التعامل مع الروابط والرسائل الإلكترونية التي تطلب معلومات شخصية أو وثائق رسمية، واستخدام أدوات لفحص الروابط والتأكد من موثوقيتها.
كذلك، من الضروري استخدام برامج أمان قوية ومحدثة باستمرار لحماية الأجهزة من محاولات الاختراق، إضافة إلى التأكد من تحديث نظام التشغيل والتطبيقات بانتظام، لضمان الحصول على أحدث إصلاحات الأمان.
في عالم يزداد ترابطه رقميًّا، بات تأمين الوثائق الشخصية مسؤولية لا يُستهان بها، فالإهمال في هذا الجانب قد يكلّفك الكثير، وربما أكثر مما تتوقع.