شهد عام 2025 طفرة نوعية في تكنولوجيا التزييف العميق Deepfake، الأمر الذي دفع الخبراء إلى إعادة تقييم كيفية حماية الحقيقة في العالم الرقمي.
ويرى باحثون أن المحتوى الاصطناعي أصبح أكثر واقعية وانتشارًا مما كان متوقعًا قبل سنوات قليلة فقط.
ارتفع عدد ملفات التزييف العميق الموجودة على الإنترنت من نحو 500 ألف في 2023 إلى نحو 8 ملايين في 2025، أي نمو يقارب 900% سنويًا.
ويرجع هذا النمو إلى مجموعة من الابتكارات التقنية التي حسّنت جودة المحتوى الصناعي في عدة نواح، أبرزها تحسين جودة الفيديو حيث أصبحت نماذج الذكاء الاصطناعي قادرة على الحفاظ على تسلسل الحركات والهوية للشخص عبر الفيديو دون تداخل أو تشوهات، ما يجعل من الصعب تمييزها عن المقاطع الحقيقية.
كذلك، أصبحت القدرة على استنساخ الصوت بدقة عالية متاحة بسهولة، إذ يكفي تسجيل صوت يمتد لثوانٍ قليلة فقط لإنشاء صوت مقنع جدًا، يشمل نبرة الكلام وتردده وحتى تنفس المتحدث.
في الوقت الحالي، لم تعد الأدوات المتقدمة تحتاج إلى خبرة تقنية عالية، حيث يمكن للمستخدم العادي عبر بعض المنصات وصف ما يريد، وسوف تولد له نماذج الذكاء الاصطناعي محتوى سينمائيًا في دقائق.
وهذا الجمع بين جودة التصوير، وواقعية الصوت، وتبسيط الأدوات جعل إنشاء فيديوهات Deepfake في متناول أي شخص تقريبًا.
يرى الخبراء أن هذه التغييرات ليست مجرد مسألة تقنية، بل تحوّل في طبيعة التهديدات الرقمية. فالعالم لا يواجه فقط مقاطع فيديو مزيفة، بل قد يصل الأمر قريبًا إلى نسخ اصطناعية حية في الوقت الفعلي للأشخاص تتفاعل مع أشخاص آخرين عبر مكالمات أو محادثات مباشرة، مما يجعل كشف التزييف أكثر صعوبة.
وهذا التطور لا يؤثر فقط على الأفراد، بل يمتد إلى الأمن القومي، الانتخابات، والشركات، حيث يمكن استخدام الوجوه والأصوات المزيفة لخداع الجمهور، أو إجراء احتيالات مالية متقنة، أو زعزعة الثقة في المؤسسات.
بحسب تحليلات الباحثين، من المتوقع أن تنتقل هجمات التزييف العميق من محتوى ثابت أو مسبق الإنتاج إلى أداءات اصطناعية تتفاعل في الزمن الحقيقي.
ويعني ظهور ما يشبه ممثلين رقميين يمكنهم التحدث والاستجابة بشكل حيّ أثناء المكالمات أو العروض المباشرة، الأمر الذي يضع ضغوطًا إضافية على تقنيات الكشف والمصادقة.
ويشير الخبراء إلى ضرورة اعتماد أنظمة حماية رقمية جديدة مثل التوقيع الرقمي للمحتوى Digital Provenance، واستخدام أدوات كشف قوية، لأن الاعتماد فقط على المراقبة البشرية لم يعد كافيًا.
