تتزايد قائمة الخلافات السياسية في طهران مع تراجع حضور المرشد الأعلى، علي خامنئي، في أعقاب حرب يونيو/حزيران مع إسرائيل، وهو الاتجاه الذي يحذّر الخبراء الإيرانيون من أنه قد يدفع بلداً يعاني بالفعل من السخط إلى حافة الهاوية.
ولم يظهر خامنئي، الذي ظل لفترة طويلة الحكم النهائي بين الفصائل المتنافسة، علناً إلا بضع مرات منذ أن أدت الضربات الإسرائيلية إلى مقتل كبار قادته.
ووفق تقرير لقناة "إيران إنتر ناشيونال"، فقد أدى غياب المرشد، إلى جانب الشعور السائد بالأزمة الوشيكة، إلى تأجيج التنافسات طويلة الأمد بين الفصائل التي ترى الآن أنه من الأكثر إلحاحاً من أي وقت مضى أن تستعد لمرحلة ما بعد خامنئي الحتمية.
وتصاعدت التوترات بين رئيس الأمن السابق، علي شمخاني، ومعسكر الرئيس السابق حسن روحاني إلى درجة أن صحيفة "جافان" المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني حثت الجانبين على "إعلان وقف إطلاق النار".
وفي وقت سابق من هذا الشهر، اتهم شمخاني روحاني بأنه كان يعلم على الفور أن الطائرة الأوكرانية أسقطت بصواريخ الحرس الثوري في عام 2020، على الرغم من ادعاءاته بأنه علم بذلك بعد أيام.
ويوم الجمعة الماضي، ظهر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو من حفل زفاف ابنة شمخاني، والذي كان بعيداً كل البعد عن المعايير الإسلامية التي يروج لها النظام الإيراني، ما دفع كثيرين إلى القول إنه كان رد فعل روحاني.
وفي حلقة أخرى، انحاز المتشددون إلى وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي ألقى باللوم الأسبوع الماضي على وزير الخارجية السابق جواد ظريف في بند في الاتفاق النووي لعام 2015، يقول لافروف وأنصاره في طهران إنه أدى حتماً إلى عودة عقوبات الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي.
وذهب النائب المتشدد مجتبى زارعي إلى حد حثّ المدعي العام على استدعاء ظريف للمحاكمة. ردًّا على ذلك، حذّر حسام الدين آشنا، المساعد السابق لروحاني وظريف، عبر منصة "إكس" من أن الجميع سيخسر إذا "فتح الثنائي فميهما".
كما دافع موقع "رويداد 24" الإصلاحي عن ظريف، قائلا إن "العلم الروسي كان يرفرف فوق المعسكر المتشدد في طهران".
وصعّد القائد السابق للحرس الثوري الإيراني، يحيى رحيم صفوي، من حدة التوترات عندما أطلق تهديداً مبطناً ضد روحاني، متذكراً بشكل ساخر وفاة الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني في حمام سباحة.
كما ذكّر مساعدو روحاني بأن رفسنجاني أنقذ صفوي من الإعدام بتهمة الخيانة في 1988. ثم اتهم صفوي رفسنجاني بالسعي إلى السلطة خارج نطاق سلطته الرئاسية، وهو تشبيه واضح موجه إلى روحاني.
وفي تعليقه على التوترات المتصاعدة، اتهم النائب السابق غلام علي جعفر زاده إيمان آبادي الرئيس مسعود بزشكيان بتأجيج السخط الشعبي بـ "تهوّر"، من خلال توظيف آلاف من عناصر فرض الحجاب الجدد، قائلا إنه "يمول الانقسام الاجتماعي الخطير".
وقال إيمان آبادي لصحيفة "جهان صنعت" الاقتصادية اليومية إن "الحكومة تمول تصاعد الانقسامات الاجتماعية"، مضيفاً أن الرئيس المعتدل ربما يتجاهل العواقب.
وحذّر علماء اجتماع إيرانيون مشهورون مثل محمد فاضلي وتقي آزاد أرمكي، من أن الانقسامات المتزايدة بين الأغنياء والفقراء، والحضريين والهامشين، والمسنين والشباب، والرجال والنساء، من شأنها أن تؤدي إلى نشوء "ورم اجتماعي"
ويقولون إن القرارات المتهوّرة التي يتخذها المتشددون غير المنتخبين، أو أولئك المنتخبون بدعم من أقلية صغيرة، قد تؤدي إلى إعادة إشعال الاضطرابات على نطاق واسع مثل تلك التي شهدها عام 2022.
ومع تراجع حضور خامنئي وتعمق التنافسات الفصائلية، قد تجد الدولة نفسها أكثر عرضة من أي وقت مضى للاضطرابات التي يخشاها قادتها أكثر من أي وقت مضى، وفق تقرير "إيران إنتر ناشيونال".