logo
العالم

ماذا يعني قرار واشنطن وقف الهجمات السيبرانية ضد روسيا؟

ماذا يعني قرار واشنطن وقف الهجمات السيبرانية ضد روسيا؟
ترامب وبوتينالمصدر: رويترز
03 مارس 2025، 8:58 ص

أكد مختصون في الشؤون الاستراتيجية والدولية، أن قرار واشنطن بوقف جميع العمليات السيبرانية ضد موسكو، مقدمة  لاتخاذ إجراءات أخرى في صدارتها إيقاف تزويد أوكرانيا بالأسلحة الأمريكية في الحرب القائمة، ومعاقبة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والقيادات الأوروبية على توسيعهم رقعة الصراع مع روسيا، مما أضر بمصالح الولايات المتحدة واقتصادها.

وأوضحوا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن أبرز دلالات هذا القرار، أن واشنطن تسير في تقديم تنازلات لروسيا دون الوقوف على أبعاد الأمن القومي، في وقت لا تحصل فيه على التزام من موسكو بقرارات وإجراءات مماثلة، مشيرين إلى أن اجتماعات الرياض بين الروس والأمريكيين، سارت في اتجاه واحد، بالنظر إلى ما يرضي موسكو، في وقت يضع فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أوراق اللعبة كلها في يد نظيره الروسي فلاديمير بوتين.

وأشاروا أيضا، إلى أن هذا القرار بمثابة اعتراف أمريكي بامتلاك روسيا لأدوات القوة في مجال الحرب السيبرانية لاسيما في ظل تعاونها في هجمات من هذا النوع مع الصين تجاه وزارات ووكالات أمريكية، في وقت سابق، ولم تستطيع واشنطن التعامل مع ذلك.   

وكانت قد قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيث، أمر قيادة الأمن الإلكتروني في البلاد، بوقف جميع العمليات السيبرانية ضد روسيا في الوقت الذي يتُهم فيه ترامب بسعيه لإنهاء الحرب في أوكرانيا بشروط تعتبر لصالح موسكو. 

ويرى المحلل السياسي والمختص في الشأن الأمريكي، الدكتور حامد الصراف، أن هذا القرار يأتي ضمن استهداف ترامب الواضح منذ حملته الانتخابية بالعمل بكل قوة على نهاية الأزمة الأوكرانية، وانتقاده مبررات الحرب من أساسها والرغبة في إنهائها.

وأوضح الصراف في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن قرار وقف العمليات السيبرانية الأمريكية ضد روسيا، هو مقدمة لاتخاذ إجراءات أخرى في صدارتها إيقاف تزويد أوكرانيا بالأسلحة الأمريكية في الحرب القائمة، ومعاقبة زيلينسكي والقيادات الأوروبية على ما قاموا به مع الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، بتوسيع رقعة النزاع ضد روسيا، مما أضر الولايات المتحدة واقتصادها. 

واستكمل الصراف أن هذا القرار يستهدف من جانب آخر، التهدئة مع روسيا ضمن ما يخطط له ترامب من السير في صفقات سلمية، وضعت خطوطها العريضة في المكالمة الهاتفية التي جرت بينه وبين بوتين، والتي تجاوزت 90 دقيقة، ليس فقط مع موسكو ولكن مع بكين أيضا، مع الإبقاء على المنافسة الاقتصادية بين الدول العظمى، وسط اقتناع ترامب بأن فكرة "القطب الأوحد" لم تعد قائمة وأن المصلحة ليست حاضرة مع حلف الناتو، وأن استراتيجية المجمع العسكري الصناعي، تضر بالولايات المتحدة.

وأشار إلى أن ترامب أدرك أن مستقبل أمريكا في المنافسة الاقتصادية أفضل من شن الحروب وسباق التسلح والمواجهة السيبرانية التي سيكون الخاسر فيها واشنطن، لأنها لن تستطيع فيها مجاراة الصين وروسيا مجتمعين أو على انفراد، وسط إدراك ترامب أن النظام الدولي الذي كانت تهيمن عليه الولايات المتحدة، انتهى منذ سنوات، وأن هناك عالم متعدد الأقطاب يعتمد على الصفقات والعمليات الاقتصادية، بدلا من شن الحروب والسير في النزاعات التي تجلب الخسائر للقائمين عليها.

وتابع الصراف أن الهجمات السيبرانية التي قامت بها روسيا منذ عامين أو أكثر، مثلت اختراقا أمنيا للأسرار العسكرية الأمريكية، وواشنطن لن تصمد طويلا إن شنت الصين وروسيا حربا سيبرانية، بأساليب متقدمة لن تستطيع أمريكا مجاراتها. 

ويؤكد الباحث في الاستراتيجيات الدولية، ناصر عباس، أن قرار وقف العمليات السيبرانية يحيطه كثير من الجدل، في وقت لم تقم به موسكو بإعلان مماثل بالقدر نفسه، وهو ما يوضح أن واشنطن مع ترامب تسير في تقديم تنازلات دون الوقوف على أبعاد الأمن القومي الخاص بها.  

وبين عباس في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن توجه ترامب في إنهاء الحرب الأوكرانية والتوصل إلى تفاهمات تحمل أهداف تحقيق منافع اقتصادية وسياسية لبلاده ولكن ذلك لا يتم بشكل متوازن، حيث لم يظهر حتى الآن أي شكل يحمل الحصول على مكاسب للولايات المتحدة.

 وأشار إلى أن كل ما يخرج حول تواصل الجانبين الأمريكي والروسي عن بعد أو من خلال اجتماعات الرياض، يأخذ اتجاها واحدا هو ما يرضي روسيا ويحقق مصالحها، وذلك من وجهة نظر أوساط عدة بالداخل الأمريكي، مما يراه البعض أن "ترامب" يضع أوراق اللعبة كلها في يد نظيره الروسي فلاديمير بوتين.

وأضاف عباس، أن واشنطن مازالت حتى الآن، تتعرض لخسائر غير معلن عنها من عمليات اختراق سيبراني لمؤسسات أمريكية مهمة، وافُتقد خيوط من ورائها ولكن بعد فترات طويلة اتضح أن موسكو تقود تلك العمليات.

وفي المقابل يكون الخروج بقرار منع العمليات السيبرانية، هو أمر يعكس إدراك أمريكا بامتلاك روسيا لأدوات القوة في هذا المجال، لاسيما أن هناك تسريبات أشارت إلى ضلوع موسكو في هجمات سيبرانية، تجاه وزارات ووكالات أمريكية، وكانت الصين شريكة في ذلك، وهو ما يعني أن قرار ترامب في هذا الصدد، بمثابة اعتراف بتفوق روسيا في هذا المجال عليها.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC