logo
العالم

ناقلات جليدية وممرات قطبية.. الهند وروسيا تتجهان لشراكة بحرية جديدة

ناريندرا مودي وفلاديمير بوتينالمصدر: رويترز

مع اقتراب القمة الهندية–الروسية الثالثة والعشرين المقرر عقدها في نيودلهي مطلع الشهر المقبل، تكثّف موسكو ونيودلهي تحركاتهما الدبلوماسية لوضع أسس اتفاق بحري استراتيجي يُتوقع أن يكون أحد أبرز مخرجات القمة. 

نشر مودي عقب لقائه باتروشيف تصريحاً قال فيه: "أجرينا مناقشات مثمرة حول التعاون البحري، بما في ذلك فرص الاتصال، وتطوير المهارات، وبناء السفن، والاقتصاد الأزرق". 

وهو ما يشير بوضوح إلى أن القمة المقبلة ستشهد خطوة نوعية في العلاقات البحرية بين البلدين، بحسب صحيفة "يوراسيان تايمز".

تعمل الهند وروسيا حالياً على تعزيز التعاون في مسارين بحريين رئيسيين يربطان آسيا بأوروبا عبر القطب الشمالي: طريق البحر الشمالي (NSR)، والممر البحري الشرقي (EMC). 

أخبار ذات علاقة

الهند وروسيا توقعان اتفاقات لبناء وحدات نووية في المستقبل

هذان المساران يشكلان بديلاً جذاباً لقناة السويس، ويعدان ركيزة أساسية لطموحات موسكو في تعزيز صادراتها، ولجهود نيودلهي في تأمين احتياجاتها من الطاقة وتوسيع خيارات التجارة.

طريق البحر الشمالي.. البديل الأكثر جاذبية لقناة السويس

يمتد طريق البحر الشمالي لمسافة تزيد على 5,600 كيلومتر عبر المحيط المتجمد الشمالي، ويقلص زمن الرحلات البحرية بنسبة 40% تقريباً مقارنة بمسار قناة السويس.

وتزايدت أهميته الاقتصادية مع تقلص الجليد البحري بسبب التغير المناخي، ما جعل التنقل عبره أسهل وأكثر جدوى.

ورغم طموح روسيا لرفع حجم الشحن عبر الطريق إلى 80 مليون طن بحلول نهاية 2025، فإن أحدث التقديرات تشير إلى أن الحركة ستتراوح بين 45 و46 مليون طن فقط. 

تستهدف روسيا 200 مليون طن بحلول 2031، وهو هدف لا يمكن بلوغه دون شركاء دوليين يمتلكون قدرات تصنيع بحرية متطورة — وفي مقدمتهم الهند.

يربط الممر البحري الشرقي بين جنوب الهند والشرق الروسي لمسافة تزيد على 10,300 كيلومتر، ويختصر زمن شحن البضائع من 40 إلى 24 يوماً. 

أخبار ذات علاقة

بوتين ومودي على هامش قمة شنغهاي الأخيرة

تستعد لقمة بين مودي وبوتين.. الهند تبعث رسائل "تذمر" من سياسات ترامب

وبدأت أهميته تتصاعد مع قفزة غير مسبوقة في التجارة الهندية–الروسية التي نمت بأكثر من 200% خلال 2024، ما جعل هذا الخط البحري أكثر أهمية لأمن الطاقة في الهند وتنويع سلاسل التوريد بعيداً عن مناطق عدم الاستقرار في غرب آسيا.

ركيزة الشراكة البحرية الجديدة

من بين أبرز الملفات التي يجري العمل عليها حالياً فكرة البناء المشترك لسفن فئة الجليد في أحواض السفن الهندية، وهو اقتراح سبق أن قدمته نيودلهي عام 2023 وتتعامل معه موسكو بإيجابية كبيرة.

هذا التعاون سيحقق مكاسب متبادلة، فبالنسبة للهند سيتم تعزيز قدراتها الصناعية البحرية، ودخول قطاع متخصص يُعد من الأكثر طلباً في ظل توسع النقل عبر القطب الشمالي.

أما بالنسبة لروسيا، فالوصول إلى قدرات تصنيع واسعة وغير خاضعة للعقوبات الغربية، بما يقلل التكاليف ويضمن تدفقاً مستقراً لسفن الشحن والكاسحات اللازمة لتحقيق أهدافها التجارية.

ولا يخفي المسؤولون الروس رغبتهم في شراكة طويلة المدى. فقد دعت موسكو خلال "القمة البحرية العالمية الهندية 2023" الشركات الهندية للمشاركة في تطوير الممر البحري، بما يشمل بناء السفن والبنية التحتية للموانئ والخدمات الرقمية.

بدأت العلاقات البحرية بين البلدين تأخذ شكلاً مؤسسياً أوضح بعدما أنشأت موسكو ونيودلهي مجموعة عمل مشتركة بشأن طريق البحر الشمالي (JWG–NSR) عقب القمة الثنائية في يوليو 2024. 

أخبار ذات علاقة

سيرغي لافروف

روسيا: علاقتنا بالهند من أهم أولويات سياستنا الخارجية

وقد عقدت المجموعة اجتماعين حتى الآن، ركزا على بناء السفن المشتركة وتدريب الطواقم البحرية الهندية على الملاحة القطبية وتطوير مشاريع البنية التحتية في الموانئ ودعم شركات الشحن في البلدين للدخول إلى NSR.

وقد أُعدت بالفعل مسودة مذكرة تفاهم لإضفاء الطابع الرسمي على هذا التعاون، فيما يتوقع أن تُوقّع خلال القمة المقبلة.

مع استهداف البلدين الوصول إلى 100 مليار دولار من التجارة الثنائية بحلول 2030، يبدو أن تطوير الممرات القطبية وبناء سفن الجليد سيشكلان محوراً رئيسياً في الاستراتيجية الجديدة للعلاقات البحرية والاقتصادية بين موسكو ونيودلهي.

وإذا ما تم الإعلان رسمياً عن الاتفاق خلال زيارة الرئيس بوتين المقبلة، فسيكون ذلك بمثابة انطلاقة لمرحلة جديدة تضع الهند وروسيا في موقع متقدم داخل سباق التجارة العالمية عبر القطب الشمالي — أحد أهم الممرات الجيو–اقتصادية في العقود القادمة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC