رجح خبيران أن يسعى حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا عبر حواره مع الأحزاب الكردية، وعلى رأسها حزب "الديمقراطية والمساواة للشعوب"، إلى رسم مستقبل الرئيس رجب طيب أردوغان بعد نهاية ولايته الحالية في العام 2028.
وانطلقت، أمس الخميس، مشاورات بين الحزبين، حيث اجتمع وفد كردي مع أردوغان بالقصر الرئاسي، بحضور مدير جهاز الاستخبارات التركية إبراهيم كالن، ونائب رئيس حزب العدالة والتنمية، إفكان ألا.
وأشارا، لـ"إرم نيوز"، إلى أن المستجدات، التي من الممكن أن تسمح للحزب الحاكم بالدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة والعودة عن رفضها في وقت تطالب بها المعارضة، تتمثل في التحصن عبر آليات من بينها ما سينتج عنه التفاوض مع أحزاب كردية.
وبيّن الخبيران أنه يمكن أن ينتج عن المشاورات "مقايضة" بإجراء تعديلات دستورية تعطي للرئيس أردوغان الحق في الترشح لولاية جديدة أو إمكانية دعم "العدالة والتنمية" في إجراء انتخابات مبكرة، مقابل الإقرار بحقوق الأكراد في الدستور.
وقال المختص في الشأن التركي، كادار بيري، إن قرار الحكومة التركية وموقفها الرافض لإجراء أي انتخابات مبكرة في تركيا يوضح ارتباكها وما يواجهه "العدالة والتنمية" من تخبط على إثر الاحتجاجات الأخيرة للمعارضة.
وبيّن، لـ"إرم نيوز"، أن إجراء الانتخابات المبكرة كانت، في وقت سابق، رغبة "أردوغانية" على حد وصفه، يتمسك بها الحزب الحاكم، ولكن مع الظروف الحالية، انعكس الموقف نظراً لكون الذهاب إلى أي انتخابات في الوقت الراهن لن يكون في صالحه؛ بسبب متغيرات جاءت بانعكاسات سلبية سياسية وشعبية عليه بالشارع.
وذكر بيري أن "العدالة والتنمية" لن يرضخ لرغبة ومطالب المعارضة التي يقودها حزب الشعب الجمهوري بالوقت الحالي، مرجحاً أن يكون ذلك في مرحلة مقبلة رهنا بإمكانية السيطرة على الوضع تماماً وتحييد أكرم إمام أوغلو بشكل نهائي، ليعود الحزب الحاكم إلى مساعيه السابقة بإجراء انتخابات مبكرة من أجل البقاء في سدة الحكم، أو أن يكون هناك تعديل في الدستور، يستطيع من خلاله أردوغان الترشح مجدداً للمرة الثالثة في الانتخابات الرئاسية.
ولفت إلى أن المستجدات التي من الممكن أن تسمح للحزب الحاكم بالدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة، التحصن عبر آليات من بينها ما سينتج عنه التفاوض مع الأحزاب الكردية أو تغيرات تؤثر بشكل إيجابي على الوضع الداخلي التركي سياسياً واقتصادياً وحتى اجتماعياً.
من جانبه، رأى الخبير في الشؤون السياسية التركية ، حسين عمر، أن الجو السياسي العام في تركيا بات معقداً للغاية في ظل صدام داخلي متصاعد؛ لذلك من الصعب التكهن بما ستؤول إليه الأيام المقبلة.
ومضى، قائلًا: "لكن من الواضح أن أردوغان فقد الكثير من شعبيته في ظل ضغوط في الشارع، في وقت يحاول فيه أن يكون له التأييد الشعبي كما كان في الماضي، لكن هذا يبدو صعباً في إطار ما تشهده البلاد".
وبين عمر، لـ"إرم نيوز"، أن "العدالة والتنمية" الذي يتزعمه أردوغان خرج، بعد العام 2012، من "قوقعة" النظام التركي "التابو" المرسوم منذ المؤسس مصطفى كمال أتاتورك، لكن "الشعب الجمهوري" كان يحاول التمسك بهذه الثوابت التي مر دهر عليها، ولم تعد صامدة في فترات سابقة.
وأضاف: "لكن شيئاً فشيئاً نرى أن هذا الحزب وبعض عناصره الشابة تعمل على بعض المسارات بالتجاوب مع العديد من القوميات الداخلية؛ لذلك تحاول قيادته كسب جميع الأطراف إلى صفوفه مع التمسك بالتفوق الشعبي الحالي بعد انتخابات البلديات الأخيرة، لذلك هناك تخوف كبير لدى الحزب الحاكم وزعيمه، من الذهاب إلى أي انتخابات مبكرة".
وذكر عمر أن أردوغان كعادته، في السنوات السابقة، وهو ما ظهر جلياً في العام 2015، يدعو إلى انتخابات مبكرة عندما يرى أن خصومه السياسيين ضعفاء، لكي يكسب مقاعد أكبر داخل البرلمان أو البلديات.
وأشار إلى أنه "في هذه الفترة الفاصلة، ليس هناك أي أمل لحكومته، سواء إذا كانت الانتخابات مبكرة أو في موعدها؛ لذلك سيحاول البقاء إلى انتهاء مدة حكمه 2028، مع استمرار البحث عن رهانات جديدة لصالحه".
ورجّح عمر أن تنعكس مخرجات المشاورات على مستقبل السياسة التركية بشكل عام، في ظل وجود مطالب "الديمقراطية والمساواة للشعوب"، من بينها إجراء تعديل بالدستور حتى يحمل إقرارا بحقوق الأكراد وأن يكون له حقوق كما لبقية الأحزاب التركية من حقوق.
ونوّه إلى أنه في حال التوافق بين الطرفين من الممكن أن يكون هناك اتفاق على تغيير الدستور بما يسمح لـ"أردوغان" بفترة رئاسة ثالثة بعد 2028، أو الذهاب إلى إجراء انتخابات مبكرة تكون وقتئذ في صالح "العدالة والتنمية" وزعيمه أمام المعارضة في الوقت الذي يعتبر فيه حزب "الديمقراطية والمساواة للشعوب" قوة بالبرلمان التركي وله شعبية كبيرة، بذلك ينجح أردوغان في تحقيق مآربه.
وأوضح عمر أنه "غير ذلك لن يذهب إلى انتخابات مبكرة على الرغم من تشديد المعارضة على إجرائها في أقرب مدى زمني، في ظل اعتبار الوقت الحالي هو الأفضل لـ"الشعب الجمهوري" بالشارع، ولا سيما بعد اعتقال إمام أوغلو.