ألغى الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو زيارته الرسمية إلى الصين، بعد تفاقم الاحتجاجات في عدة مدن إندونيسية خلال الأيام الماضية، وسط تصاعد القلق على المستوى الأمني والاقتصادي والسياسي في البلاد.
وبحسب تقريرٍ نشره "ساوث تشاينا مورنينغ بوست"، فإن السفارة الصينية في جاكرتا أصدرت تحذيرًا لمواطنيها، دعت فيه إلى “تجنب التجمعات والمناطق المزدحمة وتقليل الخروج غير الضروري، ودعت الوكالات المحلية لتحسين إجراءات الأمن ومراقبة التطورات المحلية من كثب”، في خطوةٍ تعكس مخاوف من تصاعد العنف، خصوصًا مع تجدد ذكريات اضطرابات مايو 1998 التي شهدت استهدافًا للعائلات الصينية في البلاد.
وقال وزير الدولة الإندونيسي برساتيو هادي، الذي يشغل أيضًا منصب المتحدث باسم الرئاسة، إن “الديناميكيات الداخلية” هي السبب وراء إلغاء زيارة الرئيس للصين، مؤكدًا أن برابوو فضل البقاء لمراقبة الوضع من كثب وقيادة جهود إيجاد حلول مناسبة، وأضاف في فيديو رسمي: “يعتذر الرئيس للحكومة الصينية عن عدم تمكنه من تلبية الدعوة”.
وبحسب الموقع فإن الزيارة كانت تشمل حضور قمة منظمة شنغهاي للتعاون في تيانجين، والمشاركة في عرض عسكري بمناسبة يوم النصر في بكين، لكن الاحتجاجات الداخلية أجبرت الحكومة على إعادة ترتيب أولوياتها الأمنية والسياسية.
وتكشف مصادر مُطّلعة أن هذه الاحتجاجات المتواصلة تأتي على خلفية الغضب الشعبي من زيادة رواتب أعضاء البرلمان واتهامات بالفساد المستشري في الحكومة، واشتعل الوضع بشكل أكبر بعد حادثة اصطدام مركبة للشرطة بسائق دراجة نارية يبلغ من العمر 21 عامًا أثناء تفريق المتظاهرين أمام مجمع البرلمان في جاكرتا؛ ما أدى إلى مقتله، بحسب ما أفاد مسؤولو الشرطة.
ويرى الخبراء أن “مقتل الشاب كان الشرارة التي زادت الغضب الشعبي، وأظهرت هشاشة إجراءات الأمن في التعامل مع الاحتجاجات الكبيرة في المدن الرئيسية”، ولذلك فإن إلغاء زيارة الرئيس للصين تعكس الحاجة إلى تركيز الدولة على استقرار الداخل قبل الانخراط في أي ملفات خارجية.
من جهته دعا الرئيس برابوو المواطنين يوم الجمعة، إلى التحلي بالهدوء ووعد بـ”تحقيق شامل وشفاف” في حادثة وفاة السائق، ومع ذلك، قالت منصات إعلامية محلية إن بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الصينيين عبروا عن مخاوفهم من تحول الاحتجاجات إلى استهداف المجتمع الصيني في إندونيسيا، في إشارة إلى المخاوف التاريخية من أحداث مايو 1998، حين أدت اضطرابات اقتصادية وسياسية إلى موجة من العنف ضد السكان من أصل صيني.
وبينما تعمل الحكومة على تهدئة الشارع وإعادة الثقة بين المواطنين والسلطات، يبقى السؤال حول مدى قدرة برابوو على منع الاحتجاجات من التوسع وتحويلها إلى أزمة شاملة، وأشار خبراء سياسيون إلى أن معالجة الوضع الداخلي بسرعة وشفافية سيحدد قدرة إندونيسيا على الحفاظ على توازن علاقاتها الاستراتيجية مع الصين، خاصة في ظل الاهتمام الصيني المتزايد بمناطق النفوذ في آسيا الجنوبية والشرق الأوسط.