الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
بعد يوم واحد من الانقلاب الذي أطاح بالرئيس المنتهية ولايته عمر سيسوكو إمبالو، بدت شوارع عاصمة غينيا بيساو شبه خالية من المواطنين وتحت مراقبة عسكرية، في حين عُين الجنرال هورتا نتام رئيسًا للفترة الانتقالية لقيادة البلاد لمدة عام.
ودفعت الإطاحة بإمبالو البلاد إلى حالة من عدم اليقين السياسي الخطير، وبتعليق التغيير غير الدستوري المفاجئ للعملية الانتخابية المثيرة للجدل، التي كان مقررًا نشر نتائجها اليوم الخميس.
ورغم سيطرة المقرب من الرئيس المخلوع على السلطة الآن بمساعدة قادة عسكريين، تتزايد الشكوك والريبة بشأن حقيقة الانقلاب، فلم يفهم الكثيرون سبب سماح قادة الانقلاب لسيسوكو بالاحتفاظ بهاتفه بعد اعتقاله.
ولا يستبعد ساسة ومراقبون استفادة إمبالو من الوضع الجديد بطريقة ما عن طريق تفضيله التنازل عن السلطة للجيش على الاعتراف بالهزيمة في الانتخابات أمام خصم صغير، فرناندو دياس، وإن كان مدعومًا من الحزب التاريخي، الحزب الأفريقي لاستقلال غينيا بيساو والرأس الأخضر.
وما يعزز هذه الفرضية بيان مثير للقلق، اتهمت خلاله الجبهة الشعبية في غينيا بيساو الرئيس عمر سيسوكو إمبالو ورئيس أركان الجيش بتدبير انقلاب مقنّع لمنع نشر نتائج الانتخابات.
وصرح عضو الجبهة الشعبية في بيساو، عيسى سامب، بأن الطبقة السياسية في البلاد ترجح وجود مسرحية دبرها الرئيس إمبالو، بالتواطؤ مع الجنرال نتام، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة.
وبيّن لـ"إرم نيوز" أن هذه المناورة تهدف إلى منع نشر نتائج الانتخابات الرئاسية، التي كانت مقررة اليوم الخميس بعد هزيمته المتوقعة، إذ تزعم الجبهة الشعبية أن معلوماتها كانت تشير إلى أن رئيس الدولة المبعد من السلطة كان سيُعيّن بنفسه رئيسًا مؤقتًا ورئيس وزراء بشكل غير شرعي، قبل تنظيم انتخابات جديدة يترشح فيها.
واستعرض المسؤول الحزبي التناقضات الصارخة في الرواية الرسمية، أبرزها أن إمبالو رغم تصويره محتجزًا لدى الجيش، سمح بحرية بإجراء مقابلات مع وسائل إعلام دولية للإعلان عن اعتقاله المزعوم. ومن النقاط الأخرى التي أُثيرت إصدار الحرس الوطني أمرًا بمهاجمة مكاتب المفوضية الوطنية للانتخابات حتى قبل إعلان النتائج.
وتدعو الجبهة الشعبية جميع القوى الحية في البلاد إلى الوقوف في وجه ما تصفه بالانزلاق نحو الديكتاتورية.
وعلى الخط نفسه، أعلن مرشح المعارضة الرئيسي في غينيا بيساو في وقت متأخر من مساء الأربعاء فوزه في الانتخابات الرئاسية التي شهدت منافسة شديدة هذا الأسبوع، واتهم زعيم الدولة الواقعة في غرب أفريقيا بتدبير انقلاب لتجنب الهزيمة.
وقال منافسه فرناندو دياس في مقطع فيديو نُشر على منصات التواصل، والذي كرر ادعاءات جماعات المجتمع المدني، إن الاستيلاء العسكري والاعتقال المزعوم للرئيس كان "مختلقًا" لتعطيل نتائج الانتخابات.
وتم منع حزب المعارضة الأفريقي من أجل استقلال غينيا والرأس الأخضر من التصويت، مما دفع زعيمه، رئيس الوزراء السابق دومينغوس سيمويس بيريرا، الذي حل في المركز الثاني في انتخابات عام 2019، إلى دعم دياس.
من جانبه، يرى أريستيدس غوميز، رئيس الوزراء السابق ورئيس إدارة الاستراتيجية والاتصال الدولية للمرشح فرناندو دياس، أن هذا الانقلاب "خدعة دبرها إمبالو" بهدف إحباط فوز مرشحه المتوقع. وأفادت صحيفة "لوبسيرفاتور" بأن الدكتور غوميز يعتبر هذا الوضع "مأساوياً لغينيا بيساو"، ويعتقد أنه كان من الممكن تجنبه لو أن الرئيس المنتهية ولايته أقرّ بالهزيمة ليلة الانتخابات.
رواية أخرى متناقضة ساقتها عدة مصادر مطلعة في الساعات الأخيرة: أين سمح لإمبالو، الذي كان لا يزال قادرًا على استخدام وسائل الاتصال المتاحة لديه، بالتواصل مع عدد من نظرائه، بينهم جوليوس مادا بيو من سيراليون، وهو أيضًا الرئيس الحالي للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، وفيليكس تشيسكيدي من جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومحمد إدريس ديبي إيتنو من تشاد، وبولا تينوبو من نيجيريا، وتضمنت الاتصالات وساطة لتأمين إجلاء إمبالو وعائلته إلى داكار.
واشتهر رئيس غينيا بيساو بشخصيته الودودة، وقد بنى علاقاته الخارجية طوال فترة ولايته الأولى، وكان محاورًا دائمًا للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وقد استقبله أيضا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو في شهر شباط/فبراير الماضي، وكان من بين رؤساء الدول الخمسة الذين دعاهم الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في تموز/يوليو الماضي.