logo
العالم

أوكرانيا في قلب الجدل.. التوتر بين روما وباريس اختبار لوحدة الموقف الأوروبي

أوكرانيا في قلب الجدل.. التوتر بين روما وباريس اختبار لوحدة الموقف الأوروبي
نائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفينيالمصدر: (أ ف ب)
23 أغسطس 2025، 4:29 م

قال خبراء سياسيون فرنسيون متخصصون في الشأن الأوروبي إن استدعاء فرنسا لسفيرة إيطاليا على خلفية تصريحات نائب رئيس الوزراء الإيطالي، ماتيو سالفيني، بحق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يعكس في جوهره اختبارًا جديدًا للتوازن الدبلوماسي الأوروبي حول الملف الأوكراني.

وأكد الدكتور توماس غومار، الباحث في معهد العلاقات الدولية الفرنسي والخبير المتخصص في الشأن الأوروبي أن التصدعات بين الدول الأوروبية، مثل الخلاف الحالي حول أوكرانيا، تكشف عن "فجوة استراتيجية" قائمة داخل الاتحاد الأوروبي.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين

مصدر يوضح تصريحا لترامب: على أوكرانيا قبول صفقة بشروط روسيا

ورأى الباحث السياسي في حديثه لـ"إرم نيوز" أن دعم أوروبا لأوكرانيا يظل مشدودًا بسلاسل مصالح وطنية لا تساوي دائمًا التضامن القاري، مشيرًا إلى أن هذه الأزمة قد تكون "مؤشرًا على ضرورة إعادة تنظيم التعددية داخل أوروبا".

واعتبر غومار أن ما حدث "لا يتجاوز كونه اهتزازة دبلوماسية مؤقتة"، موضحًا أن أوروبا، رغم كل الخلافات الداخلية، ما تزال موحدة على المستوى الأمني تجاه أوكرانيا.

وأضاف أن "الأزمات العرضية بين باريس وروما ليست جديدة، لكنها لا تمس الجذور العميقة للعلاقة الثنائية ولا التوافق الأوروبي الأوسع حول دعم كييف".

من جهتها، أكدت ألكسندرا جوجون، أستاذة العلوم السياسية في جامعة بورغندي، والمتخصصة بقضايا النزاعات والتحولات السياسية في أوروبا الشرقية، وبالأخص أوكرانيا وبيلاروسيا، أن الأزمة تكشف عن "ازدواجية داخل النخب الأوروبية"، إذ في الوقت الذي تعلن فيه التزامها بسلام عادل ودعم لأوكرانيا، تتراجع بعض الحكومات عن الانخراط الدفاعي بحجة المصلحة الوطنية.

وأوضحت في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن "هذه التصريحات تعكس هشاشة البنيان السياسي الأوروبي أمام ضغط الشعبوية، وهو ما يهدد وحدة الموقف الأوروبي على المدى الطويل".

وفي تصعيد غير مسبوق، استدعت وزارة الخارجية الفرنسية السفيرة الإيطالية في باريس، إيمانويلّا دي أليساندرو، بعد أن وجّه ماتيو سالفيني، نائب رئيس الوزراء الإيطالي وزعيم حزب الرابطة اليميني، انتقادًا لاذعًا إلى الرئيس ماكرون. ففي معرض رده على سؤال بشأن احتمال نشر قوات إيطالية في أوكرانيا بعد وقف القتال، كما تفكر فرنسا والمملكة المتحدة، قال سالفيني ساخرًا: "ليذهب ماكرون بنفسه، يضع الخوذة ويحمل البندقية، ويقاتل هناك".

وأوضح مصدر دبلوماسي فرنسي أن هذه التصريحات "غير مقبولة" وتتنافى مع "مناخ الثقة والعلاقة التاريخية بين باريس وروما"، مشيرًا إلى أن فرنسا شددت خلال الاستدعاء على أن التعاون الثنائي الأخير أظهر "توافقات قوية"، خاصة بشأن دعم أوكرانيا.

وسالفيني سبق أن وصف ماكرون في مارس الماضي بـ"المجنون"، متهمًا إياه بجرّ أوروبا إلى حرب مفتوحة مع روسيا، بحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية.

ورأت جوجون أنه لا يبدو أن ما حدث يرقى إلى مستوى "شرخ مؤسساتي" بين الدول الأوروبية، بقدر ما يعكس توترًا تكتيكيًا تغذيه اعتبارات داخلية في إيطاليا، حيث يسعى سالفيني لتعزيز خطابه الشعبوي على حساب التوافق الأوروبي.

وأضافت أن باريس بدورها أرادت من الاستدعاء أن توضح أن العلاقة مع روما قائمة على الاحترام المتبادل، وأن السجالات الإعلامية لا يجب أن تخلّ بالالتزامات الاستراتيجية.

أوكرانيا.. قضية خلافية أم شماعة سياسية؟

ووفقًا للباحثة السياسية الفرنسية، فإنه على ما يبدو أن أوكرانيا في قلب الجدل، لكنها ليست السبب المباشر للأزمة، بل موضوعًا تتباين حوله الرؤى. فبينما يصر ماكرون على إبقاء خيار نشر قوات أوروبية كرسالة ردع وضمانة لأي وقف لإطلاق النار، ترى الحكومة الإيطالية أن أي التزام عسكري مباشر يشكل مجازفة سياسية داخلية، وقد يفتح الباب أمام انقسام شعبي.

ورأت أن هذه الأزمة الأخيرة تؤكد أن وحدة أوروبا تجاه أوكرانيا ليست بمنأى عن الاهتزازات، خاصة مع صعود الشعبوية القومية في دول محورية مثل إيطاليا. لكن في الوقت ذاته، يظهر أن هذه التوترات تظل محدودة ومؤطرة دبلوماسيًا، دون أن تمس الخطوط الكبرى للتضامن الأوروبي مع كييف.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC