logo
العالم

بين روسيا والصين.. أوزبكستان تسير على حبل مشدود لتحقيق "الحلم النووي"

الرئيس الأوزبكي شوكت ميرضيائيف بشين يانفينغ، ورئيس المؤسس...المصدر: جيمس تاون فاونديشن

كشفت أوزبكستان عن خطط لتصبح مركزًا إقليميًا للطاقة  النووية في آسيا الوسطى من خلال تعاون مزدوج مع كل من روسيا والصين.

وبحسب "جيمس تاون فاونديشن"، فإن هذه الاستراتيجية تعكس رغبة طشقند في تنويع شراكاتها لتقليل المخاطر السياسية والاقتصادية، خصوصًا في ظل تراجع القوة الاقتصادية الروسية نتيجة العقوبات الدولية المفروضة عليها بعد غزو أوكرانيا، إلَّا أن التعاون مع بكين يحمل بدوره مخاطر اعتماد مفرط على التكنولوجيا والموارد الصينية، وهو ما قد يهدد استقلالية قطاع الطاقة في البلاد.

أخبار ذات علاقة

شركة الطاقة النووية الحكومية الروسية

الأولى في البلاد.. "روساتوم" تبني محطة نووية بكازخستان

الرهان الروسي.. بين الطموح النووي والعقوبات الدولية

في إطار التعاون مع موسكو، تعاقدت طشقند مع شركة "روس آتوم" الروسية لبناء 4 مفاعلات نووية، منها اثنان بقدرة 1000 ميغاواط والآخران بقدرة 55 ميغاواط، في إقليم جيزاخ الأوزبكي. 

ويرى الخبراء أن هذه الخطط تأتي استكمالًا لاتفاقات موقعة في عامي 2018-2024، ورغم الخبرة الكبيرة التي تمتلكها روسيا في مجال الطاقة النووية، فإن العقوبات الغربية المفروضة عليها تثير تساؤلات حول قدرتها على الالتزام بالجدول الزمني للمشروعات، كما يخشى المسؤولون في طشقند من أن يؤدي ضعف التمويل الروسي إلى تعطيل أعمال البناء أو تقليص مستوى التكنولوجيا المستخدمة.

الخيار الصيني

في المقابل، تكثف أوزبكستان تعاونها مع "المؤسسة الوطنية النووية الصينية" (CNNC)؛ إذ ناقش الرئيس الأوزبكي شوكت ميرضيائيف مع رئيس الشركة، شن يانفِنغ، سُبُل توسيع التعاون في مجالات التكنولوجيا الحديثة واستكشاف اليورانيوم وتطوير الاستخدام السلمي للطاقة النووية، كما تدرس طشقند إمكانية إدخال المفاعلات المعيارية الصغيرة الصينية إلى البلاد، إضافةً إلى تعاون ثلاثي بين "روس آتوم" و"CNNC" و"أوزاتوم" في تطوير معدات التوربينات المستخدمة في محطات الطاقة، ومع ذلك، يرى مراقبون أن الاعتماد على بكين في المعدات والوقود النووي يجعل أوزبكستان عرضة لضغوط سياسية واقتصادية في حال توتر علاقاتها مع الصين.

أخبار ذات علاقة

بريطانيا تتطلع لزيادة الاستثمارات النووية الصينية‎

 توازن هش

وبحسب مصادر فإن أوزبكستان تجد نفسها في موقع جيوسياسي حساس وهي تحاول الحفاظ على توازن دقيق بين موسكو وبكين؛ فروسيا، رغم أزمتها الاقتصادية، لا تزال لاعبًا رئيسيًا في بناء المفاعلات النووية حول العالم، بينما تسعى الصين إلى استغلال هذا الضعف لتوسيع نفوذها في آسيا الوسطى من خلال التكنولوجيا والاستثمارات. 

ولذلك فإن تحقيق الحلم النووي، بالنسبة لأوزبكستان، يتطلب السير بحذر بين شريكين عملاقين، كلٌّ منهما يسعى لترسيخ نفوذه في المنطقة، وفي ظل تصاعد التنافس الروسي-الصيني وتراجع الثقة المتبادلة، يبدو أن مستقبل الطاقة النووية الأوزبكية سيعتمد على قدرة طشقند على إدارة هذا التوازن دون أن تقع فريسة لأيٍ من القوتين.

وفي المحصلة، تعكس تجربة أوزبكستان النووية مع كلٍّ من روسيا والصين، معركة توازن دقيقة بين الطموح الوطني والواقع الجيوسياسي المعقد، وبينما تسعى طشقند لتحقيق استقلالها الطاقي وترسيخ مكانتها كمركز نووي إقليمي، تجد نفسها عالقة بين شريكين يقدمان الفرص والمخاطر في آن واحد؛ فروسيا تواجه عزلة دولية متزايدة، والصين تفرض نفوذها الاقتصادي بقوة ناعمة، الأمر الذي يجعل أوزبكستان مطالبة بإدارة هذه العلاقات بحذرٍ استراتيجي يضمن لها الأمن الطاقي دون الارتهان لأي طرف، كما أن النجاح في هذا المسار سيعني صعود أوزبكستان كلاعبٍ جديدٍ في خريطة الطاقة العالمية، والفشل قد يحولها إلى ساحة نفوذٍ متنازع عليها.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC