ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء

logo
العالم

تقارب أوزبكستان من طالبان.. تأييد أيديولوجي أم هدف براغماتي؟

زيارات متبادلة بين أوزبكستان وطالبان منذ 2021المصدر: رويترز

برزت أوزبكستان كلاعب رئيس في التعامل مع أفغانستان تحت حكم طالبان، منذ استعادتها السلطة في أغسطس/ آب 2021، لكن هذا التقارب، يثير تساؤلات حول دوافعه، إن كان ينبع من رؤية براغماتية تهدف إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي والمصالح الاقتصادية، أم من تأييد أيديولوجي.

ومع الانسحاب "الفوضوي" لقوات حلف شمال الأطلسي، واجهت جمهوريات آسيا الوسطى تحديات أمنية واقتصادية جسيمة، مثل مكافحة الإرهاب، وقف تدفق المخدرات، وإدارة الحدود، إلا أن أوزبكستان اختارت نهجاً عملياً، مدركة أن حكم طالبان مستقر نسبياً، وأن تجاهله لن يحل المشكلات المشتركة.

أخبار ذات علاقة

وزير الداخلية الألماني، ألكسندر دوبرينت

حزبا الخضر واليسار بألمانيا ينتقدان مفاوضات برلين مع طالبان

 وتقع أوزبكستان في موقع استراتيجي فريد، حيث تحد جميع جمهوريات آسيا الوسطى الأخرى إلى جانب أفغانستان، ومنذ تولي الرئيس شوكت ميرضيائيف السلطة عام 2016، بعد عصر إسلام كريموف الطويل، تحولت سياسة طشقند الخارجية نحو الانفتاح الاقتصادي والتكامل الإقليمي.

ووفق تقرير لمجلة "ناشيونال إنترست"، فإن هذا التوجه يفسّر النهج البراغماتي تجاه طالبان، الذي يُركّز على تحويل أفغانستان من مصدر تهديد إلى ممر تجاري، كما يقول الدكتور أكرم عمروف، النائب الأول لرئيس جامعة الاقتصاد العالمي والدبلوماسية.

 ويضيف عمروف أن نهج أوزبكستان تغيّر "من رؤية أفغانستان كتهديد أمني فقط، إلى نزع الطابع الأمني وإيلاء المزيد من الاهتمام للمخرجات الاقتصادية".

وكانت أوزبكستان الأسرع في التعامل مع أفغانستان ما بعد الولايات المتحدة، ففي سبتمبر/ أيلول 2021، استضافت مسؤولين من طالبان، مثل القائم بأعمال نائب رئيس الوزراء مولوي عبد السلام حنفي، ووقعت بروتوكولاً لتعزيز التعاون الاقتصادي وأمن الحدود. 

وبلغ هذا التقارب ذروته في أغسطس 2024، عندما أصبح رئيس الوزراء الأوزبكي، عبد الله أريبوف، أعلى مسؤول أجنبي يزور كابول تحت سيطرة طالبان، في خطوة رمزية تعكس طموح طشقند في تشكيل النظام الإقليمي الجديد.

وتطوّر هذا التواصل من علاقات ثنائية إلى مبادرات إقليمية أوسع، مدفوعاً بتوقعات أن طالبان قادرة على توفير الحد الأدنى من الاستقرار اللازم للتجارة والبنية التحتية.

"السكة العابرة"

يبرز مشروع السكة الحديدية العابرة لأفغانستان كمثال حي على هذا النهج البراغماتي، ففي يوليو/ تموز 2023، وقعت أوزبكستان وأفغانستان وباكستان اتفاقية ثلاثية بقيمة 4.6 مليار دولار لبناء خط سكة حديد بطول 650 كيلومتراً، يربط ترمذ على الحدود الأوزبكية الأفغانية بمزار شريف ولوغار، ثم يمتد إلى كراتشي في باكستان.

 بالنسبة لأوزبكستان، وهي دولة غير ساحلية، يُمثّل هذا المشروع فرصة للوصول إلى الموانئ البحرية، خفض تكاليف النقل، وتعزيز مكانتها كمركز عبور إقليمي، كما يتماشى مع مبادرات أوسع مثل "الحزام والطريق" الصينية، مما يُقلّل الاعتماد على الطرق الشمالية عبر روسيا.

أخبار ذات علاقة

قاعدة باغرام

طالبان: إعادة قاعدة باغرام لواشنطن "مستحيل"

  لكن هذه المبادرة تواجه عقبات أمنية، مثل تهديدات الجماعات المسلحة في أفغانستان، إلا أنها تعكس تحولاً نحو دبلوماسية تعتمد على البنية التحتية لتحقيق الاستقرار.

في الجانب الأمني، يركز التعاون على مكافحة الإرهاب، خاصة ضد تنظيم داعش - ولاية خراسان، الذي يستهدف آسيا الوسطى وروسيا وإيران، إذ ترى أوزبكستان في طالبان حاجزاً فعالاً ضد انتشار المتطرفين، مقارنة بفراغ السلطة الذي قد يستغله الجهاديون. 

 ويقول الدكتور لوكا أنسيسكي، أستاذ الدراسات الأوراسية بجامعة غلاسكو: "مع أننا لا نحب طالبان، إلا أن هناك مبرراً للتعاون معها... إذا كنتم في المنطقة، فإن مشكلتكم الجماعية تتطلب حلولاً جماعية". 

أما عمروف، فيرى أن عدم التعاون مع طالبان في مواجهة داعش ليس خياراً، لأنها تمتلك السلطة الفعلية لإدارة البلاد. دبلوماسياً، رسخت أوزبكستان دورها كجسر بين طالبان والعالم.

اعتراف معلّق

أما مسألة الاعتراف الرسمي بطالبان، فتظل معلقة، رغم التعاون الوثيق، إذ لم تتبع أوزبكستان خطى روسيا في الاعتراف، مفضلة التشاور مع جيرانها ومنظمة شنغهاي.

 وكما يرى الدكتور أنسيسكي، قد يكون الاعتراف "خاتمة لعلاقات متينة"، بينما يؤكد الدكتور عمروف أن التعاون الفعلي هو اعتراف بحد ذاته، فيما يقول الباحث فرزاد رمضاني بونيش، إن طشقند تريد تحويل أفغانستان إلى جسر للتكامل الإقليمي عبر المساعدات والاستثمارات.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC