الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
تشهد الفلبين موجة غير مسبوقة من الاحتجاجات الشعبية، بعدما تدفق أكثر من 200 ألف متظاهر إلى شوارع العاصمة مانيلا في اليوم الثاني من المظاهرات المناهضة للفساد.
تركز الحركة، التي تقودها جماعة إجليسيا ني كريستو الدينية وتنضم إليها مجموعات مدنية واسعة، على مطلب واحد، وهو محاسبة المتورطين في فضيحة فساد ضخمة مرتبطة بمشاريع السيطرة على الفيضانات، والتي تحولت إلى اختبار سياسي للرئيس فرديناند ماركوس الابن وحكومته، بحسب "Modern Diplomacy".
تدقيق مالي يكشف فسادًا ممنهجًا بمليارات البيزو
انطلقت الاحتجاجات بعد أن كشف الرئيس ماركوس عن عملية تدقيق داخلية داخل الوكالات المعنية بالبنى التحتية، والتي خلصت إلى وجود مخالفات واسعة النطاق في مشاريع بلغت قيمتها 545 مليار بيزو (نحو 9.24 مليار دولار) منذ عام 2022.
وأظهرت نتائج التدقيق أن جزءًا كبيرًا من الأموال ذهب إلى عدد محدود من المقاولين، بينما تبيّن أن العديد من المشاريع كانت سيئة التنفيذ، أو غير مكتملة، أو تفتقر إلى الوثائق الأساسية التي تبرر تكلفتها الضخمة.
هذه النتائج لم تُثر الغضب الشعبي فحسب، بل ضربت ثقة المواطنين في قدرة الحكومة على إدارة المال العام، كما أثرت على النمو الاقتصادي في بلد يعتمد بشكل كبير على الاستثمارات في البنية التحتية لخلق الوظائف وتحسين الخدمات.
وقد أشارت التقديرات إلى أن التأخر في تنفيذ المشاريع الحيوية أدى إلى تفاقم آثار الفيضانات في عدة مناطق، وهو ما زاد من حدة الغضب الشعبي.
ورغم عقد جلسات استماع برلمانية، فإنها لم تُسفر عن خطوات واضحة، ما عزز الانطباع بأن القضايا قد تُدفن خلف الأبواب المغلقة، وأن الإرادة السياسية للمحاسبة لا تزال محل شك.
ضغوط الشارع تتصاعد
بالتوازي مع الغضب الشعبي، أوصت لجنة برئاسة قاضٍ سابق في المحكمة العليا بتوجيه اتهامات رسمية لعدد من المسؤولين والمشرعين المتورطين؛ لكن بطء الإجراءات، وغموض التحركات الحكومية، دفعا الشارع إلى التحرك.
وقد تحولت ساحة كويرينو إلى مركز للاحتجاجات المستمرة، حيث لوّح عشرات الآلاف بأعلامهم وهتفوا مطالبين بـ الشفافية، واستعادة الأموال المنهوبة، ومحاسبة المسؤولين دون استثناء.
وتؤكد الجماعات المنظمة للاحتجاجات أنها ستواصل التحركات حتى تتخذ الحكومة خطوات عملية وعلنية.
في محاولة لاحتواء الغضب، وعد الرئيس ماركوس بمقاضاة المتورطين بحلول موسم عيد الميلاد، بينما أعلن أمين المظالم أن الملفات القانونية جاهزة للرفع؛ إلا أن هذه الوعود لم تُقنع الشارع بعد، خاصة في ظل تاريخ طويل من قضايا الفساد التي تبدأ قوية ثم تتلاشى دون محاسبة حقيقية.
احتجاجات تتجاوز الفضيحة
تتجاوز أهمية الاحتجاجات الحالية مجرد الكشف عن فساد ضخم. فهي تعكس تحولًا لافتًا في المزاج الشعبي الفلبيني، إذ تُعد من أضخم المظاهرات المناهضة للحكومة منذ سنوات، وتظهر استعدادًا أكبر لمساءلة النخب السياسية، سواء في البرلمان أو في البيروقراطية.
كما أن مشاركة جماعة إجليسيا ني كريستو، المعروفة بتأثيرها السياسي الكبير، أعطت الاحتجاجات طابعًا أكثر تنظيمًا ونفوذًا، ومنحتها زخمًا يكاد يجبر الحكومة على التحرك.
ويُتوقع تنظيم مظاهرة جديدة في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، ما يزيد من الضغط على إدارة ماركوس لإظهار نتائج ملموسة.
في ظل هذه التطورات، يبدو أن الفلبين تقف عند مفترق طرق: إما أن تستغل لحظة الغضب الشعبي لـ إعادة بناء الثقة وتحقيق إصلاحات مؤسسية، أو تنزلق إلى دائرة جديدة من الإحباط العام، حيث يصبح الفساد جزءًا ثابتًا من المشهد السياسي.
وفي كلتا الحالتين، ستكون الأسابيع المقبلة حاسمة لتحديد ما إذا كانت هذه الاحتجاجات ستُسفر عن تحول جذري، أم ستبقى مجرد موجة أخرى في تاريخ طويل من المعارك ضد الفساد.