رئيس وزراء أستراليا: الحكومة ستتبنى إصلاحات للقضاء على الكراهية والتطرف

logo
العالم

القمح مقابل السيارات الصينية.. روسيا تعيد المقايضة من سبات التسعينيات

العلمين الروسي والصيني وحبوب القمح وأوراق نقديةالمصدر: رويترز

في مواجهة أكثر من 25 ألف  عقوبة فرضتها الولايات المتحدة وأوروبا وحلفاؤهم على  روسيا منذ عام 2014، شهدت التجارة الخارجية الروسية صعودًا غير متوقع للمقايضة التقليدية، لأول مرة منذ تسعينيات القرن الماضي. 

وتهدف هذه الخطوة إلى التغلب على العقوبات المالية، خصوصا فصل البنوك الروسية عن نظام سويفت والتحذيرات الأمريكية للبنوك الصينية بعدم دعم المجهود الحربي الروسي؛ ما أدى إلى مخاوف من عقوبات ثانوية، بحسب "رويترز".

تبني موسكو، التي أصدرت دليلًا لتسهيل معاملات المقايضة الأجنبية، علاقات تجارية دافئة مع الصين والهند، مستفيدة من المقايضة لتبادل القمح بالسيارات الصينية، وبذور الكتان بمواد البناء، وهو ما يعكس التحول الاستراتيجي للتجارة الروسية في مواجهة العقوبات الغربية.

وسيلة التحايل على العقوبات

تُعد المقايضة حاليا وسيلة رئيسة للشركات الروسية لتجاوز العقوبات الدولية، من خلال تبادل السلع والخدمات مع شركاء أجانب دون الحاجة إلى تحويلات مالية دولية.

وفي عام 2024، أصدرت وزارة الاقتصاد الروسية دليلًا من 14 صفحة حول معاملات المقايضة الأجنبية؛ إذ يقدم نصائح حول كيفية استخدام هذه الطريقة لتأمين التجارة، بما في ذلك اقتراح إنشاء منصة تداول خاصة بالمقايضة.

أخبار ذات علاقة

زيلينسكي خلال اجتماع مع وزيرة خارجية بريطانيا

زيلينسكي يطالب الحلفاء بعدم "البحث عن ذرائع" لتجنب العقوبات على روسيا

وأكد أحد المصادر في سوق الدفع أن المقايضة تساعد في التحايل على القيود التي تمنع البنوك الروسية من التعامل بالدولار واليورو، في ظل مخاوف البنوك الصينية من الانخراط في معاملات قد تضعها تحت العقوبات الثانوية. 

ووفقًا لتقرير "رويترز"، تمكنت بعض الشركات من إجراء ثماني معاملات مقايضة للسلع العينية، تضمنت تبادل القمح بالسيارات الصينية، وبذور الكتان بأجهزة منزلية ومواد بناء، وحتى المعادن مقابل آلات وخدمات صينية، بما في ذلك معاملات مع باكستان.

من جانبه، وصف ماكسيم سباسكي، أمين المجلس العام للاتحاد الروسي الآسيوي للصناعيين ورجال الأعمال، نمو المقايضة بأنه مؤشر على تراجع الاعتماد على الدولار والضغط الناجم عن العقوبات، مع توقع استمرار ارتفاع حجم هذه المعاملات في المستقبل.

المقايضة والفوضى الاقتصادية

عودة المقايضة تذكر بالفترة الفوضوية في تسعينيات القرن الماضي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، حين كانت المقايضة ضرورية بسبب نقص السيولة النقدية والتضخم الهائل والانخفاضات المتكررة في قيمة الروبل، وهو ما أدى إلى عمليات احتيال وجعل تحديد القيمة الحقيقية للصفقات صعبا.

أخبار ذات علاقة

عملة روسية

بعد 40 شهراً.. لماذا "لا تتألم" روسيا من العقوبات الاقتصادية الغربية؟

أما اليوم، فتختلف الظروف الاقتصادية، فالمال متاح، ولكن المقايضة مدفوعة بالعقوبات الغربية، وليس بنقص السيولة.

وتعتمد الشركات الروسية هذه الطريقة لتأمين التجارة مع الشركاء في آسيا، دون المخاطرة بمواجهة القيود الدولية.

وذكرت "رويترز" أنه في إحدى الصفقات البارزة، استبدل التجار الروس القمح بالسيارات الصينية، حيث دفع الروس بالحبوب، واشترى الشركاء الصينيون السيارات باليوان. 

وفي معاملات أخرى، تبادل الروس بذور الكتان بسلع منزلية ومواد بناء، مع قيمة تقديرية لإحدى صفقات الكتان تبلغ نحو 100 ألف دولار أمريكي، بحسب بيانات الجمارك الروسية.

انعكاسات اقتصادية وتجارية

على الرغم من نجاح المقايضة في تجاوز العقوبات، يواجه الاقتصاد الروسي ضغوطا واضحة؛ إذ سجل فائض التجارة الخارجية انخفاضا بنسبة 14% بين يناير ويوليو 2025، ليصل إلى 77.2 مليار دولار، مع انخفاض الصادرات 11.5 مليار دولار وزيادة الواردات 1.2 مليار دولار.

كما تبين أن المقايضة لم تكن الطريقة الوحيدة؛ إذ لجأ بعض التجار إلى وكلاء الدفع لتسهيل المعاملات عبر برامج متنوعة، بينما استخدمت شركات أخرى العملات المشفرة المرتبطة بالدولار الأمريكي. 

أخبار ذات علاقة

المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف

الكرملين: العقوبات لن تجبر روسيا على تغيير مسارها

في السياق نفسه، أكد سيرجي بوتياتينسكي، نائب رئيس العمليات وتكنولوجيا المعلومات في شركة BCS الروسية، أن الشركات الصغيرة تعتمد بين 10 و15 طريقة دفع مختلفة، من بينها العملات المشفرة والتحويلات البنكية عبر فروع روسية في شنغهاي، لتعويض قيود النظام المالي الدولي.

وتعكس هذه المرونة في طرق الدفع التحديات التي تواجهها روسيا في تأمين تجارتها، لكنها أيضا تبرز استراتيجية موسكو الذكية في مواجهة العقوبات الغربية، والمحافظة على تدفق السلع والخدمات، خصوصًا مع شركائها في آسيا.

في الوقت ذاته، يرى الخبراء أن المقايضة ليست حلا دائما؛ إذ يمكن أن تؤثر على شفافية السوق وقد تؤدي إلى صعوبة تحديد الأسعار الحقيقية للسلع.

إلا أنها تمنح الشركات الروسية فرصة لتجاوز العقبات المالية الدولية مع الاستمرار في التجارة الخارجية؛ ما يعكس قدرة الاقتصاد الروسي على التكيف تحت ضغط العقوبات.

ومع استمرار العقوبات الغربية والتهديد بالعقوبات الثانوية، يبدو أن المقايضة ستظل أداة مهمة في التجارة الروسية على المدى القريب، مع توقع استمرار تنوع الأساليب المالية والتكنولوجية لضمان استمرار التبادل التجاري.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC