أدى الصراع بين إسرائيل والمسلحين الفلسطينيين منذ الهجوم الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في مطلع الأسبوع إلى سقوط عدد كبير ومتزايد من القتلى في الجانبين.
وتندرج الحرب تحت نظام عدالة دولي معقد نشأ منذ الحرب العالمية الثانية.
ما القوانين التي تحكم الصراع؟
انبثقت قواعد الصراع المسلح المتفق عليها دوليًّا من اتفاقيات جنيف لعام 1949، التي صادقت عليها جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وتم استكمالها بأحكام أصدرتها محاكم دولية معنية بجرائم الحرب.
وتنظم سلسلة من المعاهدات معاملة المدنيين والجنود وأسرى الحرب في نظام يعرف إجمالًا باسم "قانون النزاعات المسلحة" أو "القانون الإنساني الدولي". وينطبق هذا القانون على القوات الحكومية والجماعات المسلحة المنظمة، ومن بينهم مقاتلو حماس.
وإذا لم يتم تقديم الفلسطينيين الذين يقال إنهم ارتكبوا فظائع في إسرائيل وجميع من تردد أنهم ارتكبوا جرائم في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى العدالة في الداخل، فإن المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي هي الهيئة القانونية الدولية الوحيدة المخولة بتوجيه التهم.
ويمكن للمحاكم المحلية تطبيق ما يسمى بالولاية القضائية العالمية في قضايا جرائم الحرب، لكن هذا سيكون محدود النطاق.
ويمنح نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية سلطة قانونية للمحكمة للتحقيق في الجرائم التي يزعم أنها ارتكبت على أراضي الدول الأعضاء أو التي يرتكبها مواطنو هذه الدول، عندما تكون السلطات المحلية "غير راغبة أو غير قادرة" على القيام بذلك.
وأكد مكتب المدعي العام للمحكمة يوم الثلاثاء، أن تفويضه ينطبق على الجرائم التي يحتمل أن تكون قد ارتكبت في الصراع الحالي، وقال إنه يواصل جمع المعلومات.
ما دور المحكمة الجنائية الدولية؟
تأسست المحكمة الجنائية الدولية، وهي محاكم دائمة مختصة بالنظر في جرائم الحرب في العالم، في لاهاي العام 2002. وتشمل ولايتها القضائية جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية في الدول الأعضاء بها وعددها 123 دولة أو التي يرتكبها مواطنو هذه الدول.
والكثير من القوى الكبرى في العالم ليسوا أعضاء في المحكمة، بما في ذلك الصين والولايات المتحدة وروسيا والهند ومصر. وتعترف المحكمة الجنائية الدولية بفلسطين كدولة عضو، في حين ترفض إسرائيل الولاية القضائية للمحكمة ولا تتعامل معها رسميًّا.
ورغم محدودية الميزانية والموظفين، يحقق الادعاء العام في المحكمة بالفعل في 17 قضية مختلفة بداية من أوكرانيا وأفغانستان إلى السودان وميانمار. وخصصت ميزانية المحكمة ما يقل قليلًا عن مليون يورو (1.06 مليون دولار) للتحقيقات في الأراضي الفلسطينية في 2023 وتسعى للحصول على موارد إضافية.
وتواصل المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، منذ العام 2021.
ولم تصدر أي أوامر اعتقال تتعلق بهذا التحقيق.
وقال ممثلو الادعاء في العام 2021 إن هناك أساسًا معقولًا للاعتقاد بأن جميع الأطراف ارتكبت انتهاكات، بما في ذلك القوات الإسرائيلية ومقاتلو حماس والجماعات الفلسطينية المسلحة الأخرى.
ما الأفعال التي قد تنتهك قانون جرائم الحرب؟
أشارت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان وتتخذ من نيويورك مقرًا إلى جرائم حرب محتملة تتمثل في استهداف الجماعات المسلحة الفلسطينية المتعمد على ما يبدو للمدنيين والهجمات والعشوائية واتخاذ المدنيين رهائن، وكذلك الضربات الإسرائيلية في غزة والتي أدت إلى مقتل مئات الفلسطينيين.
وقال عمر شاكر المدير المسؤول عن إسرائيل والأراضي الفلسطينية في المنظمة "القتل المتعمد للمدنيين واحتجاز الرهائن والعقاب الجماعي هي جرائم شنيعة لا مبرر لها".
واحتجاز الرهائن والقتل والتعذيب محظورة صراحة بموجب اتفاقيات جنيف، كما أن الرد الإسرائيلي قد يكون موضع تحقيق في ارتكاب جرائم الحرب.
وانتقد مسؤولون في الأمم المتحدة وجماعات مدافعة عن حقوق الإنسان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت بعد إعلانه تشديد الحصار لمنع وصول الغذاء والوقود إلى قطاع غزة الذي يقطنه 2.3 مليون نسمة.
هل تنطبق اتفاقيات جنيف؟
قال الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الثلاثاء، إن من حق وواجب إسرائيل الرد على ما حدث، مضيفًا أنه بحث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "كيف تكون الدول الديمقراطية مثل إسرائيل والولايات المتحدة أقوى وأكثر أمنًا عندما نتصرف بموجب القانون".
ويمكن اعتبار الحصار جريمة حرب إذا كان يستهدف المدنيين، وليس وسيلة مشروعة لتقويض قدرات حماس العسكرية، أو إذا تبين أنه غير متناسب.
ويتعين أن تكون الهجمات على الأهداف العسكرية متناسبة بموجب القانون الدولي، مما يعني أنها يجب ألّا تؤدي إلى خسائر فادحة في أرواح المدنيين أو إلحاق أضرار بالممتلكات المدنية مقارنة بالمكاسب العسكرية المباشرة المتوقعة.
وأشار نيك كوفمان، محامي الدفاع الإسرائيلي البريطاني المولد في المحكمة الجنائية الدولية، إلى قتل مسلحي حماس مئات كانوا يحضرون حفلًا راقصًا ومدنيين في عدة تجمعات سكانية بالقرب من حدود غزة باعتبارها محور تركيز واضح لقضية جرائم حرب.