كشفت مصادر سياسية في تشاد عن أسباب تخفيض رتبة وزير الدفاع السابق، محمد آبالي صلاح، بعد عقود قضاها في الجيش، مشيرة إلى أن القرار مرتبط بالصراع الدائر حول الموارد في منطقة تيبستي الغنية بالذهب ومعدن الأنتيمون.
وقررت السلطات التشادية شطب الجنرال محمد آبالي صلاح من قوات الدفاع والأمن، وتخفيض رتبته إلى رتبة جندي من الدرجة الثانية، على خلفية ما وُصف بـ"الخطأ الجسيم".
ووفقًا للمرسوم الرئاسي، فلن يستفيد المعني من أي معاش تقاعدي أو راتب أو تعويضات أو منح ذات صلة.
ورغم أن السلطات لم توضح أسباب اتخاذ مثل هذا القرار، فإن مصادر سياسية في تشاد أكدت أن "آبالي صلاح يدفع ثمن موقفه المناهض لما يحدث في منطقة تيبستي الحدودية مع ليبيا، حيث يتم استغلال الذهب المستخرج بطرق غير قانونية"، وذلك في ظل الأنباء المتداولة بشأن استعداد الجيش التشادي لعملية عسكرية لتطهير المنطقة من عصابات نهب الذهب، وهي أخبار نفتها السلطات لاحقًا.
وأضافت المصادر أن هذه العقوبة جاءت في وقت تنتشر فيه على شبكات التواصل الاجتماعي وفي العديد من وسائل الإعلام تصريحات منسوبة للجنرال، في ظل الوضع المتوتر في منطقته ميسكي الواقعة في ولاية تيبستي.
وأوضحت المصادر أن الجنرال كان من بين المعارضين لنشاط شركة – كانت حكومية ثم خُصخصت – تقوم باستغلال معدن الأنتيمون، الذي يُعد من المعادن الإستراتيجية في الصناعات الحديثة، في منطقة أوزو بتيبستي، دون موافقة رسمية من السلطات، وبدعم من أطراف متواطئة.
وهذا ما جعل من هذه الشركة بمثابة صندوق أسود لصراع بين جهات نافذة داخل البلاد.
ولا يُستبعد – بحسب ذات المصادر – وجود تصفية حسابات، لا سيما أن آبالي صلاح، وزير الدفاع السابق، كان يُعد حلقة وصل رئيسة في منظومة الأمن التشادية.
وقبل أسبوع، دعا الجنرال آبالي – وهو وزير الدفاع والداخلية الأسبق – سكان تيبستي، التي ينحدر منها، إلى الوحدة، رافضًا أي تفسير جهوي لتحركاته العلنية.
وأكد في تصريحاته أن إدارة الموارد المعدنية في تشاد، خاصة موارد تيبستي، "يجب أن تعود بالنفع على جميع التشاديين، وليس على أقلية فقط"، مضيفًا أن هذه الموارد يجب أن تكون "موردًا مشتركًا، لا وقودًا للخلافات".
وكان الجنرال غادر العاصمة أنجامينا بعد مقتل الرئيس السابق إدريس ديبي، في أبريل 2021، خلال اشتباكات مع متمردي "جبهة التناوب والوفاق في تشاد"، حيث اتجه إلى منطقة تيبستي برفقة عدد من الجنرالات والمسؤولين.
ويستفيد العديد من السكان المحليين والمهاجرين غير النظاميين والعصابات من مناجم الذهب في جبال تيبستي، سواء في الجانب التشادي أو الليبي، حيث تُستخرج كميات كبيرة من المعدن الأصفر دون استفادة حقيقية للدولة، وهو ما دفع الحكومة لمحاولة تنظيم النشاط عبر التفاوض.
غير أن فشل تلك المحاولات دفع إلى تداول تقارير عن إمكانية اللجوء إلى الخيار العسكري.
وفي هذا السياق، عقد وزير الإدارة الإقليمية التشادي، ليمان محمد، مؤتمرًا صحفيًا، الأحد الماضي، أوضح فيه أن "استعادة سلطة الدولة تتطلب وجود قوات قمعية قادرة على التدخل عند الضرورة، لكن هذا لا يعني أننا سنشن حربًا على سكان تيبستي".