تباينت الآراء حول الإستراتيجية المنتظر السير عليها من جانب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، مع الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، ومدى اتباع سياسة فرض العقوبات على حكومة كاراكاس، كما كان الحال في الولاية السابقة للرئيس الجمهوري أو وصول الأمر إلى تدخل عسكري أمريكي في فنزويلا، أو أن تكون هناك صفقة يشكل النفط كلمة السر فيها.
وفي وقت رأى فيه خبراء أن وصول ترامب إلى البيت الأبيض مجددا قد يعيد إلى الأفق سيناريوهات التدخل العسكري الأمريكي في فنزويلا، فإن الأزمات الدولية ومن بينها الحرب الروسية الأوكرانية قد يكون لها انعكاس في عدم اتخاذ إجراءات تحمل الشدة تجاه نظام الرئيس نيكولاس مادورو.
وكانت الحكومة الفنزويلية تقدمت منذ أسبوعين بالتهنئة لترامب عقب فوزه بالانتخابات الرئاسية، وأكدت في بيان رسمي استعدادها لبناء علاقات جيدة على أساس الاحترام المتبادل بين البلدين.
وشهدت ولاية ترامب الماضية توترا مع الرئيس الفنزويلي مادورو، وتعالت المواجهات بين واشنطن وكاراكاس، وسط فرض ترامب عقوبات شديدة الصرامة على فنزويلا وصناعة النفط التي يقوم عليها الجانب الأكبر من اقتصاد البلاد.
وتشهد فنزويلا منذ أشهر أزمة سياسية إثر إعلان السلطات فوز مادورو بالانتخابات الرئاسية، في وقت تتمسك فيه المعارضة بنتائج يحيط بها دعم دولي، حول فوز مرشح المعارضة، إدموندو غونزاليس أوروتيا، بالمنصب الرئاسي.
ويقول الخبير في العلاقات الدولية، سي لحبيب شباط، إن وصول ترامب إلى البيت الأبيض مجددا، قد يعيد إلى الأفق سيناريوهات التدخل العسكري الأمريكي في فنزويلا لاسيما أن الولاية السابقة للرئيس المنتخب شهدت التلويح بعدة خيارات فيما يتعلق بفنزويلا بما في ذلك الخيار العسكري إن لزم الأمر.
ويشير شباط، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، إلى أن أمريكا استطاعت ما بين عامي 1898 و1994 ، إنجاز 41 عملية حققت فيها هدفها المتمثل في تغيير الحكومات في دول بأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي ومن بينها فنزويلا، أي بمعدل عملية واحدة كل 28 شهرا، وفقا لدراسة قامت بها جامعة هارفارد نشرت عام 2005 .
ومع ذلك، تناول شباط ما وصفه بـ"معوقات" قد تعطل الإدارة الأمريكية الجديدة في التعامل مع هذا الملف، لاسيما الحرب الروسية الأوكرانية وحالة التوتر التي يشهدها الشرق الأوسط في وقت تسعى فيه الإدارة الجديدة إلى تحقيق هدفها بضبط أسعار النفط عالميا.
وأشار إلى أن أقل تدخل في الملف الفنزويلي ضد مادورو قد يحقق العكس تماما في ظل وجود إجماع حول تحذيرات بأن أي تحرك عسكري أو ما شابه من جانب واشنطن، قد يعزز وجود مادورو وقد يستعمل ذلك لصالح كسب التعاطف لترسيخ أركان نظامه.
ويتوقع شباط أن تتبع إدارة ترامب مسار الإدارة الحالية، بالعمل على إنجاز مفاوضات تتعلق بإعطاء ضمانات أمريكية حقيقية بعدم المتابعة القضائية لرموز وأركان النظام الفنزويلي، في حال عزمهم الخروج من الحكم وإتمام انتقال سلمي للسلطة مع المعارضة.
ويؤكد المحلل السياسي المختص في شؤون أمريكا اللاتينية، بلال رامز بكري، أنه إذا أخذ في الاعتبار، ما خرج من ترامب طوال فترة الدعاية بالانتخابات الرئاسية من وعود على محمل الجد، بشأن إحلال السلام في العالم وإيجاد حلول للأزمات والحروب، فإن المنتظر في هذا الصدد أن يسعى الرئيس الجمهوري في ولايته إلى إتمام التسويات حول الصراعات في العالم ومن بين ذلك فنزويلا.
ويوضح بكري في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أنه بعيدا عن نوعية خطابات ترامب الحادة والشعبوية المتسمة بالتصعيد في اللهجة، فإنه بالنظر إلى كونه في الأساس رجل أعمال، فهو يسعى في سياساته لعقد صفقات تكمن في هذه المرحلة التي يشهدها العالم من صدامات، في عدم الذهاب إلى التصعيد، وهذا ما سيطبق على فنزويلا.
ويرجح بكري عدم سعي ترامب إلى المواجهة مع مادورو أو دعم انقلاب ضده أو إزاحته عن السلطة، ولكن سيسعى لعقد صفقة معه، شأنه في ذلك شأن الأزمة الروسية الأوكرانية، وذلك في وقت يعمل فيه بشكل كبير الرئيس الفنزويلي على عقد أي صفقة هو الآخر مع ترامب للحفاظ على كرسيه وموقعه الرئاسي الذي يتمسك به ويعمل بشتى الطرق للحفاظ عليه.
وتابع بكري أن كافة الشعارات الخاصة بمحاربة الإمبريالية العالمية والتي ظلت مرفوعة في عبارات من النظام الفنزويلي، لن تصمد مقابل التشبث في الحكم، وهذا ما يتفهمه جيدا مادورو ودائرته، ليكون الذهاب للبحث عن صفقة مع الرئيس الأمريكي الجديد.