تعيش النيجر أزمة اقتصادية خانقة تُعد الأسوأ منذ عقود، حيث يعاني المواطنون من الجوع وارتفاع الأسعار في ظل استمرار العقوبات الدولية المفروضة بعد الانقلاب العسكري.
ورغم الوعود، التي أطلقتها الحكومة الانتقالية بقيادة الجنرال عبد الرحمن تياني بتحسين الأوضاع المعيشية وتعزيز الاستقلال الاقتصادي، فإن النتائج الملموسة ما زالت بعيدة، فيما تتزايد التوترات مع الشركاء الغربيين، مما يعمّق عزلة البلاد وأزماتها.
وتعيش شرائح واسعة من الشعب النيجرِي حالة غير مسبوقة من الفقر والعوز، حيث تراجعت القدرة الشرائية بشكل حاد وتضاعفت معاناة الأسر في توفير الغذاء والدواء، وفقًا لتقرير نشرته مجلة "جون أفريك".
وتشير المجلة إلى أن الأوضاع الاقتصادية بلغت أدنى مستوياتها منذ جيل، مع انهيار القطاعات الإنتاجية وارتفاع معدلات التضخم والبطالة.
وفي مدينة زيندر، جنوب شرق البلاد، تقول ربيعتو، وهي بائعة ملابس مستعملة، إنها لم تتمكن من بيع سوى قطعة واحدة طوال يوم كامل، بثمن لا يكفي حتى لتغطية أجرة النقل.
وأشارت ربيعتو، البالغة من العمر 29 عامًا، إلى أنه في منزلها، ينتظر أطفالها الجوعى عودة والدهم، الذي يعمل مغنياً تقليدياً، لكنه لم يجد عملاً منذ أسابيع.
وربيعتو، التي اضطرت إلى مغادرة زيندر نحو ديفا شرقاً، تختصر المشهد بقولها: "غادرنا لأننا لا نريد أن نموت جوعاً... سنعود حين يتحسن الحال، أما الآن فنعيش فقط لننجو".
وأدت العقوبات التي فرضتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) عقب الانقلاب في شهر تموز/يوليو من عام 2023 إلى تجميد أصول الدولة وحرمانها من التمويل الإقليمي.
كما أوقفت القوى الغربية والبنك الدولي وبنك التنمية الإفريقي معظم برامج الدعم، ما أجبر نيامي على خفض ميزانيتها بنسبة 40%، ورغم رفع بعض القيود في عام 2024، فإن الحظر الأوروبي لا يزال قائماً، مانعاً أي انتعاش حقيقي للاقتصاد.
بدوره، قال أحد الخبراء الاقتصاديين في نيامي إن "العقوبات ضربت الاقتصاد في الصميم"، موضحاً أن نقص الكهرباء وغلاء الوقود وارتفاع أسعار السلع الأساسية فاقم الأزمة المعيشية، وأجبر كثيرين على إغلاق أعمالهم الصغيرة أو بيع ممتلكاتهم لتأمين الطعام.
وفي مدينة مرادي، اضطر الخياط أبو بكر كالا إلى بيع آلاته الثلاث بعدما عجز عن تشغيلها بسبب انقطاع الكهرباء، قبل أن يتحول إلى تجارة المواشي.
وتراجع دخل الأرملة حديجة عبدو، التي تبيع الطعام في الأسواق، من 82 ألف فرنك إفريقي شهرياً إلى أقل من 25 ألفاً، وتقول بأسى: "الناس يشترون أقل، والكثيرون باتوا يطلبون المساعدة ليأكلوا".
ورغم أن الحكومة تراهن على عائدات النفط لتحقيق الاكتفاء المالي وتقليل الاعتماد على اليورانيوم، فإن مشروع أنبوب النفط الرابط بين النيجر وبنين، والذي يمتد لأكثر من 2000 كيلومتر، يواجه عراقيل أمنية ودبلوماسية، أبرزها إغلاق الحدود والخلافات مع الشركات الصينية المنفذة.
وبلغت ديون النيجر نحو 11 مليار دولار، أي ما يقارب نصف الناتج المحلي الإجمالي، وتستهلك خدمة الدين أكثر من ثلث الإيرادات الحكومية، فيما تجاوز عدد النازحين داخلياً 936 ألف شخص، وفق الأمم المتحدة.