logo
العالم

رواندا "بين نفوذين".. صراع رقمي يشعل المواجهة بين بكين وواشنطن في قلب إفريقيا

تاكسي طائر عرضته الصين في روانداالمصدر: منصات التواصل الاجتماعي

على مدى يومي الـ4 والـ5 من سبتمبر الجاري، احتضنت العاصمة  الرواندية كيغالي، النسخة التاسعة من قمة ومعرض الطيران في إفريقيا، حيث شكّل الحدث منصة بارزة لتجديد المنافسة التقنية بين الصين والولايات المتحدة في رواندا، وفي القارة الإفريقية عموماً.

وفي إطار "التعاون لدفع النمو في إفريقيا"، اجتمع أكثر من 1,700 خبير تقني وأكثر من 100 شركة لمناقشة مستقبل صناعة الطيران في إفريقيا وفرص التطوير عبر التجديد التقني.

أرسلَت الصين رسالة واضحة إلى الولايات المتحدة، بإطلاق أول طائرة تُشغّل من دون طيار بشري من طراز EHang EH216‑S، التي طوّرتها الشركة الصينية "إي هانغ"، في رحلة تجريبية تاريخية على أرض رواندا، أقلعت الطائرة وهبطت من دون طيار؛ ما يمثّل انطلاقة فعلية لانخراط رواندا في منظومة نقل جوي حضري متطورة. 

ورأى مراقبون أن هذا الحدث يشكّل حلقة جديدة من تصاعد المنافسة بين الصين والولايات المتحدة في إفريقيا، حيث بدأت الصين في جني ثمار استثماراتها العميقة في البنى التحتية الرقمية في البلاد.

وأكد المسؤولون الروانديون، وعلى رأسهم الرئيس بول كاغاما، أن مفهوم "الأمّة الرقمية" يمثل الهدف الإستراتيجي للمشاريع التقنية في البلاد، ومنها مشروع الهوية الرقمية الموحدة. تسعى رواندا جاهدة للتمايز في ظل تصاعد التنافس بين القوتين العالميتين في قطاع التكنولوجيا.

في الواقع، ورغم ضخ استثمارات ضخمة من الدولة في البنية الرقمية، فإن ملكيتها ليست حصرية، إذ إن تمويلها يعتمد إلى حد كبير على الصين والولايات المتحدة؛ ما يثير تساؤلات حول سيادة المجال الرقمي الرواندي.

تندرج الاستثمارات الصينية في رواندا ضمن إطار مبادرة الحرير الرقمي، إحدى ركائز مشروع "الحزام والطريق"، التي تشمل مشاريع رقمية مركزية، مثل المدن الذكية ومراكز البيانات والبنى التحتية الرقمية. تشمل هذه المبادرة دولًا إفريقية عدة، مثل: بوتسوانا وكوت ديفوار وغانا وكينيا والمغرب وجنوب إفريقيا وأوغندا وزامبيا ورواندا، عبر مشروع مدينة كيغالي للابتكار. 

في المقابل، تسعى الولايات المتحدة لدرء توسع النفوذ الصيني في إفريقيا، عبر تعزيز حضورها في مجالات إستراتيجية مثل الحوكمة الرقمية، الخدمات المالية الرقمية، وريادة الأعمال التكنولوجية، حيث تلتزم واشنطن بربط استثماراتها بقيم مثل الإدارة الحكيمة والشفافية والديمقراطية، في خطوة تعكس حرصها على التسلل إلى سوق روباندي ناشئ ومهم.

يتضح أن مجال التحول الرقمي في رواندا – التي تصف حكومة كيغالي هذا المجال بأنه "سيادي" – هو ساحة تنافس سياسي جيو-تقني بين الصين وأمريكا، في حين تروج الصين لبنية تحتية ومشاريع حضرية ذكية، فإن الولايات المتحدة تركّز على تعزيز الهيكل الرقمي عبر خدمات وحوكمة رقمية.

بينما يُعد بعض الفاعلين الدوليين رواندا "ملعبًا" يحكمهم التنافس الدولي على النفوذ، فإن رواندا تقف كذلك "لاعبة" تستفيد من هذا التنافس لتعزيز مكانتها التكنولوجية أمام جارتها كينيا، واستعادة زمام المبادرة في منطقة تسعى لتجاوز تبعات الماضي.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC